أحمد زكي.. “النمر الأسود” الذي سكن قلوب المصريين

كتب / حازم فتحي

أحمد زكي لم يكن مجرد ممثل، بل حالة فنية نادرة في تاريخ السينما المصرية والعربية. بصوته المميز، ونظراته الحادة، وقدرته الخارقة على التقمص، استطاع أن يخلّد اسمه كأحد أعظم نجوم التمثيل. هو الفنان الراحل أحمد زكي، الذي رسم البسمة والدمعة معًا على وجوهنا، وترك لنا رصيدًا فنيًا لا يُنسى.

النشأة والبدايات

وُلد أحمد زكي يوم 18 نوفمبر عام 1946 في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، في شارع سيف الدين بالحسينية. اسمه الحقيقي أحمد زكي متولي عبد الرحمن بدوي، وكان الابن الوحيد لأبيه، الذي توفي بعد ولادته مباشرة، فربّاه جده بعد زواج والدته.

تلقى تعليمه في مدرسة الصنايع بالزقازيق، وهناك بدأ حبه للفن يظهر، وكان ناظر المدرسة من أبرز المشجعين له. بعد حصوله على الشهادة الإعدادية، التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج منه عام 1973 بتقدير ممتاز وكان الأول على دفعته.

البداية الفنية

بدأ أحمد زكي مشواره الفني مبكرًا، إذ ظهر لأول مرة على المسرح عام 1967 في مسرحية “حمادة ومها”. خلال دراسته في المعهد، شارك في مسرحية “هالو شلبي”، حيث لفت الأنظار بموهبته، خاصة عندما قلد الفنان الكبير محمود المليجي، وهو التقليد الذي أذهل الجمهور.

أول ظهور له في السينما كان عام 1972 في فيلم “ولدي” مع النجم فريد شوقي، أما أول بطولة سينمائية له فكانت عام 1978 في فيلم “شفيقة ومتولي” أمام الفنانة الراحلة سعاد حسني.

نجاح جماهيري وتألق مسرحي وتلفزيوني

اشتهر أحمد زكي بتنوع أدواره وقدرته على إتقان كل شخصية يقدمها، سواء على المسرح أو في السينما أو التلفزيون. شارك في مسرحيات مهمة مثل:

 • مدرسة المشاغبين

 • العيال كبرت

 • أولادنا في لندن

أما على شاشة التلفزيون، فتألق في مسلسلات مثل:

 • الأيام (عن حياة طه حسين)

 • هو وهي (مع سعاد حسني)

علامات بارزة في السينما

قدّم زكي عشرات الأفلام التي شكّلت علامات في تاريخ السينما، منها:

 • النمر الأسود (1984) – قصة حقيقية عن شاب مصري في ألمانيا.

 • البرئ (1986) – فيلم سياسي جريء تعرض للمنع.

 • البيه البواب (1987) – أداء واقعي حتى ظنه الناس بوابًا بالفعل.

 • البيضة والحجر (1990) – توعية ضد الدجل والخرافات.

 • الراعي والنساء (1991) – بطولة أمام سعاد حسني.

 • حسن اللول (1997) – مع شيرين رضا.

 • شادر السمك – من الأعمال التي أحبها الجمهور.

كما تألق في أفلام وطنية مثل:

 • ناصر 56 (1996)

 • أيام السادات (2001)

 • معالي الوزير (2002)

 • سواق الهانم – مع سناء جميل وعادل أدهم

 • وكان آخر أعماله: فيلم “حليم” عام 2006، الذي لم يكتمل إلا بعد وفاته.

الحياة الشخصية

تزوج الفنان الراحل من النجمة هالة فؤاد، وأنجب منها ابنهما الوحيد هيثم أحمد زكي، الذي سار لاحقًا على خطى والده في التمثيل. ورغم انفصالهما، ظلت هالة فؤاد الحب الوحيد في حياته، وحزن عليها بشدة بعد وفاتها.

من أصدقائه المقربين الفنانة عفاف شعيب، وسناء يونس، ورافقت مسيرته في سنواته الأخيرة الفنانة رغدة.

الجوائز والتكريمات

نال أحمد زكي جوائز عدة منها:

 • جائزة مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم طائر على الطريق.

 • جائزة من مهرجان الإسكندرية عن فيلم امرأة واحدة لا تكفي (1989).

 • جائزة عن فيلم كابوريا من مهرجان القاهرة السينمائي (1990).

الرحيل الصادم

توفي الفنان أحمد زكي يوم 27 مارس 2005، بعد صراع طويل مع سرطان الرئة، الذي أثر على جسده حتى وصل إلى الكبد وأفقده بصره في أيامه الأخيرة. وبرحيله، فقدت السينما المصرية والعربية واحدًا من أعظم من وقفوا أمام الكاميرا، لكن إرثه الفني سيبقى حيًا في قلوب محبيه.