عاجلعالم الفن

محمود المليجي في مدريد: درس في احترام الفنان

محمود المليجي في مدريد: درس في احترام الفنان

محمود المليجي في مدريد: درس في احترام الفنان
محمود المليجي

كتبت / دنيا أحمد

في إحدى مغامراته الفنية، خاض الفنان القدير محمود المليجي تجربة فريدة في إسبانيا، حيث تعاقد على المشاركة في فيلم عالمي يُصور في مدريد، وهو إنتاج مشترك بين المنتجة ماري كويني وشركة “روما فيلم”. لكن تجربته في العمل مع فريق الإنتاج الإسباني كانت بمثابة اختبار حقيقي لثقافة التعامل مع الفنانين العرب خارج وطنهم.

بعد وصوله إلى مدريد، استقر المليجي في أحد الفنادق المحلية، ثم بادر بالاتصال بالشركة المنتجة ليحصل على تفاصيل حول مواعيد التصوير. كانت المفاجأة عندما تلقي اتصالاً من أحد المسؤولين في الشركة الذي أبدى استغرابه قائلاً:

“أنت محمود المليجي؟ نحن لا نعرف هذا الاسم!”

تكررت المفاجأة في اتصال آخر مع مسؤول آخر، إذ قال له:

“محمود من؟ نحن لا نعرفك”. وعندما أوضح له المليجي أنه يؤدي دور “إبراهيم” في الفيلم، رد عليه المسؤول بتعجب:

“آه، إبراهيم! لم تقل لي ذلك من البداية.”

محمود المليجي في مدريد: درس في احترام الفنان
محمود المليجي

هذا الموقف كشف للمليجي أن اسمه كفنان لم يكن معروفاً في الخارج بالشكل الكافي، وأنه لم يكن يحظى بالدعاية التي تليق به خارج حدود مصر.

في اليوم التالي، سافر المليجي إلى الاستوديو، حيث استقبلته نفس المعاملة غير اللائقة. لم يرحب به أحد، وكان مضطراً للانتظار لفترات طويلة دون أن يتم طلبه للتصوير. كما أنه لم يُعرض عليه حتى فنجان قهوة، إلا من قبل أحد عمال الكهرباء الذي شعر بحالته وقدمه له. كما لم يتفاجأ المليجي عندما اكتشف أنه ليس له كرسي خاص للجلوس، حيث كان عليه الوقوف طوال اليوم.

محمود المليجي في مدريد: درس في احترام الفنان
محمود المليجي

مرت الأيام بنفس الطريقة، حيث كان المليجي يمر بتجربة مريرة من الإهمال والتجاهل، وفي أحد الأيام، اضطر للجلوس على سلم خشبي كان جزءاً من الديكور بعد أن طُلب منه ترك الكراسي المخصصة للممثلين الآخرين. وفي ظل هذه المعاملة، بدأ يفكر في العودة إلى مصر.

لكن في اليوم التالي، قابل المخرج الإيطالي “فرنيتشو” الذي كان قد عمل سابقاً في مصر. وعندما اشتكى له المليجي من معاناته، قام فرنيتشو بأخذه إلى مخرج الفيلم الإسباني الذي أخبره بأن عليه تقليد أداء ممثل إسباني يؤدي الدور أمامه. ومع ذلك، رفض المليجي التقليد الأعمى، وأصر على تمثيل الدور بطريقته الخاصة.

محمود المليجي في مدريد: درس في احترام الفنان
محمود المليجي

وكانت المفاجأة عندما أذهل المليجي الجميع بأدائه المميز، مما دفع المخرج الإسباني إلى النظر إليه بإعجاب شديد. ومع مرور الوقت، بدأ الجميع يلاحظون تميز المليجي في الأداء، فبدأت المعاملة تتغير تدريجياً، إذ خصصوا له كرسي باسمه، وأصبح فريق الإنتاج يولي اهتماماً خاصاً به.

على الرغم من هذه التغيرات، رفض المليجي الاستفادة من التسهيلات التي قدّمتها له إدارة الاستوديو، مثل السيارة الخاصة التي كانت مخصصة له، وأصر على التنقل بسيارته الخاصة. كما استمر في إصراره على الجلوس على السلم الخشبي بدلاً من الجلوس على الكراسي المخصصة للممثلين.

في ختام مقالته التي كتبها في مجلة “الكواكب”، ذكر المليجي أن رفضه لهذه المعاملة لم يكن عن تعنت، بل كان رسالة واضحة للجميع حول كيفية التعامل مع الفنانين، خاصة الضيوف. وقال:

“في مصر، نحرص على وضع ضيوفنا في مكانة عالية، وهو ما كنت أود أن يتعلمه العاملون في الاستوديو الإسباني.”

إن تجربة المليجي في مدريد لم تكن مجرد تجربة فنية، بل كانت درساً في ضرورة احترام الفنان وتعامل الشركات والمخرجين مع الضيوف بشكل يليق بمكانتهم الفنية، بغض النظر عن جنسيتهم أو مكانتهم في الساحة الدولية.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى