مقالات

إنتهاء ظاهرة الأجيال

إنتهاء ظاهرة الأجيال

انتهاء ظاهرة الأجيال
صورة أرشيفية

بقلم: مصطفى العموري 

لن تجد السمات الفريدة   ولا  الطبع السائد    ولا  الصفات المميزة  لكل جيل  بعد جيل السبعينات،  كنا زمان بنقول جيل السبعينات او الستينات أو الخمسينات وهكذا   وذلك لوجود تشابه بين أبناء كل جيل  في الصفات والميول والاهتمامات والفكر.

  حيث كنت تشعر بوجود تشابه بينهم  خاصة في إجماعهم على قبول شئ أو رفضه  وتجد شبه إجماع في الثوابت والأساسيات  لديهم

فـ كيف كان يحدث ذلك ؟ وما سبب انتهائه   وهل سيمكننا بعد ذلك أن نقول او نطلق  مسمي  جيل الثمانينات والتسعينات وهكذا؟ وما السبب ؟

لايضاح الامر .. اسمحو لي ان اخذكم معي الي رحله قصيره في الماضي    واذكركم  بما كان     كوني أحد مواليد  السبعينات ..

  ايام ما كنا صغار  كنا نستمع إلى نفس البرامج التليفزيونية .. فاكرين ع سبيل المثال .. العلم والإيمان وعالم البحار وجولة الكاميرا خمسه سياحه وطرائف وغرائب ،كان ذلك  لعدم وجود أي بدائل او قنوات اخرى  غير الاولي والثانيه .. ونستمع إلى نفس القصص والحكايات ونفس برامج الأطفال من قامات مشهود لها بالعلم والثقافه والاحترام .. ك ماما نجوى وعمو فؤاد و جدو عبدو وماما سامية ابله فضيله  وخلافه .. غير صوت الراديو ساعة الصبحية وهنا القاهره  و كلمتين وبس  وصباح الخير ياللي معانا.

 وكنا نشاهد نفس المسلسلات  والافلام  حيث كان الخير يهزم الشروكانت الرقابة تقوم بدورها ولم يكن يصح أن يكون الفاسد أو البلطجي او عديم الاخلاق والسفيه والتافه هو النجم والبطل والمنتصر .. وكان العمل الفني يحمل رسالة وقيمه وهدف .. وحتى الموسيقى والأغاني كانت تخلو من السوقية والتفاهه والكلمات الخليعة  كان هناك رقي في اللحن والكلمات والأداء ..

 في اعتقادي نحن آخر جيل تربينا ع التسامح   وع كلمه حلال وحرام وصح وغلط وعيب    وع العادات والتقاليد والاصول   واحترام الغير .. الا من رحم ربي طبعا  .. 

حضرنا الخير والبركة   اخر جيل ذهب إلى الكتاتيب  وتعلمنا في ظل نظام ثابت ومستقر  وأخر جيل امتحنا ع نظام  الثانوي العام القديم    وآخر جيل كان يستحب إذا رأى أحد معلميه في الشارع .. 

كانت حالة استحالة أن يتجاوز أحدنا الصف الثاني الابتدائي دون أن يكون خطه جميل ويجيد القراءة والكتابة والإملاء  .. كنا نذهب للنوم بعد العشاء  ما عدا أيام الإجازات كان ممكن نسهر حتى إغلاق التليفزيون الساعة 12  وده كان بيبقي اخرنا وف الصيف بس    ويبقي انجاز لو قدرنا منمش قدامه  زي ما كان بيحصل مع معظمنا .. 

كل ده كان سبب فى اننا نبقى شبه بعض وبينا أشياء مشتركة وأفكار وبرامج ومشاهد تأثرنا بها واثرت فينا وف شخصيتنا وطريقه تفكيرنا واكلنا وشربنا ولبسنا  وطريقه تصرفاتنا  ف علشان كده ينفع يطلق علينا اسم   جيل واحد .

نيجي للي بعدنا  .. 

تعددت القنوات والبرامج بعد ظهور  الدش  وكذلك وسائل التكنولوجيا والاتصالات الحديثة والتواصل الاجتماعي وخلافه  فأصبح  كل طفل أو فرد يشاهد ما يحلو له حسب مزاجه وذوقه  ويتابع م يروق له     ف انعدمت الرؤية الجماعية والتأثر بأي فكرة او برنامج او شخصيه او موضوع     فأصبح لكل منهم فكر ورأي وذوق مختلف عن الاخر حتى لو كان في نفس عمره.

انعدمت الرقابة   عن المحتوى والمواضيع والفن والفنانين    وامور كثيره سواء من جانب الدولة أو الأسرة .. ف اصبحنا نري اخلاقهم كيف اصبحت وطريقه تعاملهم ولبسهم وحتي تسريحات وقصات شعورهم   …. حتى الدراسه تنوعت واختلفت  خضعت لعوامل مادية  وامور اخرى     وعدم ثبات المناهج  والتغير المستمر في كل شئ من حولهم  زاد من الفرقه الفكرية بينهم    وانخفاض المستوى الثقافي والعلمي والأدبي   وتجدهم استمدوا اغلب معلوماتهم من مصادر غير موثوقة ك الفيس وخلافه  ومن مصادر كاذبة وخادعة.

فـ  أصبحوا مجرد سلعة مستهدفة لزيادة المشاهدات وزيادة العائدات التي تصب في جيوب من لا يستحق وليس له قيمه او قدر او كيان  وهم للاسف  لا يشعرون .

فـ هل مع كل هذه التغيرات  سنستطيع ان نطلق عليهم لفظ أو كلمة جيل  وهم يكاد  لا يجتمعون على شئ او فكره و ليس لديهم اي ثوابت لا تقبل الشك وهم على ثقة ويقين ومؤمنين بها    او شي مشترك نشأو عليه معا    او فكر او طبع سائد  يجمعهم سويا ؟

                            لا اظن !!

سعيد المسلماني

مساعد رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى