حضن الأب.. درع الأمان الذي يحمي المراهقة من الانزلاق في دروب الخطأ

كتبت / دنيا أحمد
في مرحلة المراهقة، تتشكل ملامح الشخصية، وتتصارع المشاعر، وتتقاطع الحاجة إلى الاستقلال مع التوق إلى الأمان. وسط هذا الصراع، يظل حضن الأب واحدًا من أكثر الأماكن ثباتًا واحتواءً، حيث يجد الأبناء، وخاصة الفتيات، المعنى الحقيقي للحب المشروط بالثقة، والحنان المصحوب بالحزم، والعطاء الذي لا يُقابله طلب. فالحضن ليس مجرد تلامس جسدي، بل رسالة طمأنينة تقول: “أنا هنا لأحميك، ولأكون سندك حين يشتدّ عليك العالم”. في هذا المقال، نُسلّط الضوء على الدور النفسي العميق لحضن الأب في حياة الفتاة المراهقة، وكيف يسهم في حمايتها من الوقوع في الأخطاء، ويمنحها توازنًا نفسيًا واجتماعيًا يقيها من الانجراف خلف المشاعر المزيفة أو السلوكيات الخطرة.

تُعد المراهقة مرحلة مفصلية في حياة الإنسان، تمتاز بالحساسية والاندفاع والبحث عن الهوية. وفي ظل هذه التحولات، تحتاج الفتاة المراهقة إلى دعم نفسي وعاطفي يُشعرها بالثقة والقبول، ولا شيء يمنحها هذا الشعور مثل حضن الأب. فالأب الذي يعبّر عن مشاعره بطريقة صحية، ويوفر لابنته الأمان العاطفي، يضع بين يديها مفتاحًا للحياة المتزنة والقرارات الصائبة.

الحب الآمن يحمي من البحث عنه في الخارج
عندما تُحرم الفتاة من المودة الأبوية والاحتواء العاطفي، قد تبحث عن هذا الشعور في أماكن غير آمنة، وفي علاقات خاطئة، مدفوعةً برغبة غير واعية في سدّ فراغ تركه الغياب العاطفي للأب. أما الفتاة التي تشعر بقيمة نفسها من خلال تقدير أبيها لها، وتجد فيه مصدر فخر واهتمام، فهي أقل عرضة للوقوع في علاقات سامة أو تصرفات متهورة.
الأب مرآة الثقة ونموذج الذكورة المحترمة
من خلال العلاقة الصحية مع الأب، تتشكل لدى المراهقة صورة واضحة عن التعامل الصحيح مع الرجل، وتحظى بنموذج يُرسّخ الاحترام والحدود. فالأب الذي يُصغي دون تهكّم، يُربّي دون تسلّط، ويحتضن دون خجل، يبني جدارًا داخليًا من الثقة لدى ابنته، يجعلها أكثر وعيًا بذاتها وأقلّ تأثرًا بضغط الأقران أو المغريات الخارجية.
الاحتواء لا يُضعف الهيبة بل يعزّزها
من الأخطاء الشائعة في التربية هو اعتقاد بعض الآباء أن التقرّب العاطفي من الأبناء، خاصة البنات، يُضعف من سلطتهم أو هيبتهم، في حين أن الدراسات التربوية والنفسية تؤكد أن الاحتواء الحقيقي يعزّز من مكانة الأب في وجدان ابنته، ويمنحه دورًا أكبر في توجيهها، ليس بالقوة، بل بالحكمة والثقة المتبادلة.

فأعلم ان في زمن تكثر فيه المؤثرات والضغوط على المراهقين، يظل حضن الأب وسيلة فعالة لحماية الفتاة من الانجراف خلف السلوكيات الخاطئة. ليس المطلوب مثالية مطلقة، بل أب يبذل جهده ليكون قريبًا، صادقًا، وحاضرًا وقت الحاجة. فكل حضن يعطيه الأب لابنته، هو جسر ثقة، وسياج أمان، ورسالة حب تُترجمها الفتاة في قراراتها واختياراتها لاحقًا.






