نادية لطفي “متهَمة بخطف الأطفال”… قصة الحقيقة وراء الحادثة المثيرة للجدل

كتبت/ دنيا أحمد
لطالما اشتهرت نادية لطفي ليس فقط بموهبتها الفنية، بل أيضًا بنشاطها الإنساني الكبير الذي جعلها تبرز كإحدى أبرز الوجوه في دعم القضايا الإنسانية. في فترة الثمانينات، ومع بداية حصار بيروت، كانت نادية في قلب الأزمة، حيث تطوعت لمساعدة الأطفال الفلسطينيين. لكن فجأة، وجدت نفسها متهَمة في قضية خطف أطفال فلسطينيين، وهو الاتهام الذي أثار ضجة إعلامية كبيرة وقتها. وبينما كان الهدف الحقيقي هو نقل الأطفال من مناطق الخطر إلى أماكن آمنة، إلا أن الشائعات والأقاويل كانت قد سبقت الحقيقة.

القصة كاملة:
نادية لطفي، الفنانة المعروفة بأدائها المتميز وإنسانيتها الملموسة، كانت أحد الأسماء اللامعة في السينما المصرية في الستينيات والسبعينيات. وبالإضافة إلى نجاحها الفني، كانت نادية لطفي تشارك في العديد من الأعمال الخيرية والإنسانية. إلا أن أحد أكثر المواقف إثارة للجدل في حياتها كان حادثًا وقع خلال حصار بيروت في الثمانينات، حيث ارتبط اسمها باتهامات بخطف أطفال فلسطينيين.

حادثة الاتهام:
في عام 1982، خلال حصار بيروت الذي شهدته العاصمة اللبنانية في الحرب الأهلية، كانت نادية لطفي قد قررت أن تكون جزءًا من الجهود الإنسانية التي كانت تبذل في المنطقة. حيث تواجدت هناك لإيصال المساعدات الإنسانية، وكان من ضمن نشاطاتها نقل الأطفال الفلسطينيين من المناطق المتأثرة بالحرب إلى أماكن آمنة بعيدًا عن الخطر.
لكن الوضع في تلك الفترة كان مشحونًا، وكانت الأخبار تتنقل بسرعة البرق. وبسبب وجودها في أماكن غير مستقرة أمنيًا، انتشرت شائعة مفادها أن نادية لطفي كانت تقوم بـ “خطف” الأطفال الفلسطينيين. هذه الشائعة انتشرت بسرعة، مما جعل وسائل الإعلام ومراكز القوى السياسية تتهمها بالضلوع في عملية خطف منظم للأطفال.

الحقيقة وراء الشائعة:
الحقيقة كانت مختلفة تمامًا عن تلك الاتهامات. نادية لطفي كانت فقط تقوم بنقل الأطفال الفلسطينيين من مناطق الحرب إلى أماكن آمنة عبر مؤسسات ومنظمات إنسانية، في عملية منسقة تهدف إلى حماية الأطفال في تلك الظروف الصعبة. كان الهدف من نقل الأطفال هو ضمان سلامتهم بعيدًا عن القصف والاشتباكات، وليس كما روجت بعض الأقاويل عن “خطف” هؤلاء الأطفال.
ورغم أن الحملة الإعلامية ضدها كانت واسعة، إلا أن نادية لطفي ظلّت متمسكة بموقفها، وأوضحت في العديد من المقابلات الإعلامية لاحقًا أن ما قامت به كان من أجل إنقاذ الأرواح وتقديم يد العون للأطفال الذين كانوا ضحايا للحرب.

تعليقات نادية لطفي:
في أحد اللقاءات الصحفية الشهيرة، قالت نادية لطفي: “كنت في بيروت وقت الحصار، ومعظم الأوقات كنت أرى الموت يحاصر الأطفال. لم يكن لديّ خيار سوى أن أشارك في عملية نقل الأطفال إلى أماكن آمنة. الحقيقة كانت أنني كنت أبحث عن إنقاذ الأطفال من الخطر، لا أن أخطفهم كما روجت بعض الأخبار. من المؤلم أن يتم تفسير جهودي الخيرية على أنها جريمة.”

التوضيح من المنظمات الإنسانية:
العديد من المنظمات الإنسانية التي عملت في تلك الفترة أكدت أيضًا أن نادية لطفي كانت تعمل بتنسيق مع جمعيات دولية ومحلية لضمان سلامة الأطفال. الدكتور فؤاد النمري، الذي كان يشرف على إحدى هذه العمليات الإنسانية، قال: “نادية لطفي كانت جزءًا من جهود كبيرة من قبل المنظمات الإنسانية لنقل الأطفال من أماكن القتال إلى مناطق أكثر أمانًا. كل هذا كان في إطار المبادرات الإنسانية التي كانت تهدف إلى حماية حياة الأطفال، لا أكثر.”
فـ اتهام نادية لطفي بخطف أطفال فلسطينيين كان نتيجة لخلط الأحداث وتضارب المعلومات في زمن كانت فيه بيروت تشهد واحدة من أعنف الحروب في تاريخها. لكن الحقيقة أن نادية لطفي كانت جزءًا من الجهود الإنسانية التي سعت لحماية الأطفال في زمن كان فيه الأمل في النجاة ضئيلاً. ورغم الضجة التي أثارتها هذه الشائعة، فإن مساعيها الإنسانية في تلك الفترة لم تُمحَ من ذاكرة كل من شاهد عن كثب الجهود التي بذلتها لإغاثة الأطفال في بيروت.
نادية لطفي، التي لطالما عُرفت في عالم الفن والإعلام، أثبتت من خلال تلك التجربة أنها كانت أكثر من مجرد فنانة؛ كانت إنسانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.






