العارف بالله طلعت يكتب : قصة الحج
عندما تزوج سيدنا إبراهيم عليه السلام من زوجته هاجر المصرية الأصل وأنجب منها سيدنا إسماعيل عليه السلام أمر الله سيدنا إبراهيم عليه السلام بأن يرحل مع السيدة هاجر ووليدها إسماعيل عليه السلام من القدس إلى وادي مكة حيث نزلوا قرب المكان الذي اندثرت فيه أطلال الكعبة بيت الله العتيق . ويقال إن السيدة سارة زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام الأولى هي التي اختارت له زوجته الثانية هاجر لكى تنجب له الولد لأن سارة كانت عقيما لا تنجب قبل أ تبشرها الملائكة بإسحاق ومن بعد إسحاق يعقوب .
ولما وصل سيدنا إبراهيم عليه السلام وهاجر إلى وادي مكة لم يكن الله قد كشف لإبراهيم عليه السلام عن مكان القواعد من البيت بعد وكان وادي مكة مكانا مهجورا لا زرع فيه ولا ماء وأمر الله إبراهيم عليه السلام أن يترك هاجر وإسماعيل ثم يرجع إلى القدس فى الشام .قال تعالى : (ربنا إني أسكت من ذريتي بواد غير زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) . وبقيت هاجر وإسماعيل عليهما السلام فى موقعهما هذا إلى أن نفد ما معهما من طعام وماء عطش إسماعيل وكان إلى جوارهما مكان مرتفع هو جبل ( الصفا) صعدت السيدة هاجر فوقه لتنظر حولها لعلها ترى على البعد مصدرا للماء ولما لم تجد شيئا نزلت مسرعو تجرى إلى مكان آخر هو جبل ( المروة ) وهو يبعد حوالي 375 مترا عن جبل الصفا لكنها لم تجد الماء. وخافت الأم على طفلها الوليد فأخذت تسعى وتجرى بين الصفا والمروة بحثا عن الماء وظلت تفعل ذلك 7مرات لكنها لم تجد أثرا للماء فعادت هاجر إلى مكان إسماعيل لتفاجأ بوجود نبع ما يتفجر عند قدمي إسماعيل عليه السلام وأخذ الماء يتدفق شيئا فشيئا فأخذت منه الأم لتروى وليدها وارتوت . ثم حاولت التحويط على الماء حرصا عليه وهى تقول :
(زمي .. زمي ) أي .. تجمعي .. تجمعي .
ولذلك سميت عين الماء ( زمزم ) وما زالت زمزم فى مكانها المعروف بين الصفا والمروة منذ ذلك الزمان .
هذه هي قصة الصفا والمروة وقصة زمزم والسعي بين الصفا والمروة من شعائر الحج لقوله تعالى : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حدج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) .
إن سعي السيدة هاجر من الصفا إلى المروة والعكس 7 مرات باحثة عن ماء لوليدها الرضيع سيدنا إسماعيل عليه السلام : هو أساس نسك السعي بين الصفا والمروة فى شعيرة الحج .
ويعتبر السعي بين الصفا والمروة ركنا أساسيا من أركان الحج والحاج الذي يسعى بين الصفا والمروة 7 مرات يترسم خطى هذه السيدة مستشعرا ما كانت تشعر به من رحمة وحنان .
وإذا كانت رحمتها وحنانها إنما كان من أجدل ابنها الرضيع فإن الرحمة التي ينبغي أن يستشرف إليها الحاج راجيا أن تملأ نفسه وأن تفعم جوانحه إنما هي الرحمة للإنسانية جمعاء .
الرحمة بكل من يحس بالألم أو يشعر بالضيق بسبب ما يحل به من جوع أو ظمأ أو بسبب ما يحيط به من مكر وكيد أو بسبب ما يشعر به من خوف وقلق الرحمة بكل من كان فى حاجة إلى الرحمة .