في ذكرى ميلاده.. “هنري بركات” شيخ المخرجين وصانع الكلاسيكيات
كتبت: دنيا أحمد
في مثل هذا اليوم، 11 يونيو من عام 1914، وُلد أحد أعمدة السينما المصرية والعربية، المخرج الكبير هنري بركات، الذي لم يكن مجرد مخرج أفلام، بل كان صانعًا للذاكرة البصرية والوجدانية لجيل كامل من عشاق الشاشة الفضية. على مدار أكثر من خمسين عامًا، قدّم بركات أعمالًا خالدة شكّلت جزءًا لا يُنسى من تاريخ الفن السابع في مصر، وجعلت اسمه محفورًا في وجدان كل من تابع السينما الكلاسيكية.
ولد هنري بركات في حي شبرا بالقاهرة، لأسرة لبنانية الجذور، ونشأ في بيئة تقدّر التعليم والفنون، فحصل على ليسانس الحقوق قبل أن يتجه إلى فرنسا لدراسة الإخراج السينمائي على أصوله، ليعود إلى مصر عام 1935 متسلّحًا بالعلم والشغف.
بداية المشوار
بدأ بركات كمساعد مخرج، إلى أن اكتشفته المنتجة آسيا داغر، التي أعطته فرصته الأولى لإخراج فيلم “الشريد” عام 1942، بعد أن انفصل عنها المخرج أحمد جلال. كانت تلك البداية نقطة انطلاق لسلسلة طويلة من النجاحات، ساهمت في تطوير لغة السينما المصرية تقنيًا وجماليًا، خصوصًا في ما يتعلق بفن المونتاج، الذي أولاه بركات اهتمامًا خاصًا منذ بداياته.
تعاونات خالدة
لمع نجم بركات من خلال شراكات فنية مميزة مع كبار نجوم العصر الذهبي، فشكّل ثنائيات مؤثرة مع:
• فريد الأطرش (في 10 أفلام)،
• عبد الحليم حافظ (3 أفلام)،
• فاتن حمامة (18 فيلمًا)،
• إلى جانب أفلام مع صباح، ليلى مراد، صلاح ذو الفقار، فيروز، هدى سلطان، وغيرهم.
وقدّم عبر هذه الشراكات أفلامًا لا تزال تدرّس في معاهد السينما، مثل:
• دعاء الكروان،
• الحرام،
• أفواه وأرانب،
• ليلة القبض على فاطمة،
• الخيط الرفيع.
رائد الفيلم الغنائي
ورغم تنوع إنتاجه، إلا أن تميزه في الإخراج الغنائي كان لافتًا. ففي استفتاء نقاد مهرجان الإسكندرية عام 2023، تَصدّر بركات قائمة أفضل مخرجي الأفلام الغنائية بـ أحد عشر فيلماً، مما يؤكد على رؤيته الفنية الفريدة في المزج بين الموسيقى والدراما بصورة ساحرة.
رحل هنري بركات في 23 فبراير 1997، لكن إرثه السينمائي لا يزال حيًا، سواء في ذاكرة محبي الفن، أو في قائمة أفضل 100 فيلم مصري التي ضمّت أربعة من أعماله. وقد استحق عن جدارة لقب “شيخ المخرجين”، ليس فقط لطول تجربته، بل لجودة وعُمق ما قدّمه للسينما العربية.
