حمدي رزق يكتب: إِنَّ التمويلات تشابهت علينا
قرار قاضى التحقيق المنتدب فى القضية ١٧٣ لسنة ٢٠١١ المقيدة برقم ٤ لسنة ٢٠٢١، بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى قضية المنظمات الحقوقية، يستوجب مستقبلًا سياقًا قانونيًّا إلزاميًّا بحق تمويلات هذه المنظمات، محلية (وهى شحيحة)، ودولية (وهى بيت القصيد)، سِيَّما مع توقعات بتمويلات (كثيفة) لمشروعات حقوقية مخططة من قِبَل عديد من المنظمات المحلية وفق توجهات دولية (تحديدًا أمريكية) بدعم المنظمات الحقوقية فى ملف الحريات وحقوق الإنسان من حول العالم وفى القلب مصر.
أقول قولى هذا توقيًّا لعدم التورط فى قضايا جديدة نتيجة عدم اليقين، وانعدام الشفافية، وفق منظومة الشكوك التى تحيط بعمل هذه المنظمات فى فترات سبقت، وما باح وفاه به محسوبون على العمل الحقوقى، وما حوَتْه التقارير الأمنية التى شكلت أدلة، لكنها لم تكن كافية لإقامة وجه الدعوى، كما جاء فى حيثيات قاضى التحقيق.
المستشار على مختار، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، قاضى التحقيق، كانت إشارته لافتة «إنه ولئن كان على الدولة أن ترعى المجتمع المدنى إيمانًا بدوره ورسالته، إلا أنه وبالمقابل فلزامًا على المجتمع المدنى أن يؤدى هذا الدور وتلك الرسالة فى ضوء أحكام الدستور والقانون وأن يربأ بنفسه عن موطن أى شبهة- حال أداء مهمته- تُعد مساسًا بسيادة الدولة وتمثل خطرًا على وحدتها الاجتماعية، فالحفاظ على سيادة الدولة والذود عنها هو التزام وإلزام بطريق اللزوم».
وعليه من قِبَل المنظمات الحرص فى تلقِّى التمويلات والتيقُّن من قانونيتها وفقًا لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى 149 لسنة 2019 ولائحته التنفيذية، منعًا للبس والالتباسات، وعنى المشرع القانونى بأن يحدد ماهية التمويلات المشروعة، وسُبُلها، وطرق التعاطى معها، ليلتزم بها المتمولون، سِيَّما أن الحكومة أبدت مرونة مُقدَّرة فى تسوية ما سبق من قضايا، وليس لدينا رفاهية قضايا جديدة فى ملف حساس محليًّا ودوليًّا. الإرادة السياسية مُقدَّرة وماثلة فى هذا الملف، وليس أدَلَّ على ذلك من إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتخصيص العام المقبل عام المنظمات الأهلية (وتشمل يقينًا المنظمات الحقوقية).
وترجمته عناية الدولة بتمكين هذه المنظمات من أعمالها فى سياق العمل الأهلى، وتعظيم عائدات هذه الأعمال عبر التمويلات الوطنية (شركات ورجال أعمال) لتصب فى المجهود الوطنى، وخلق شراكة تنموية مع الحكومة، كما حدث فى مشروع «حياة كريمة» ومبادرات عديدة كان للمجتمع الأهلى دور فعال فى إنجازها، ما استأهل شكر الرئيس مرات سبقت، ولايزال الأمل معقودًا فى المزيد من الجهود المخلصة.
الأجواء كما يقولون مواتية لانطلاقة عمل أهلى منظم ومحترم ونظيف. خفّت إلى حد كبير أحاديث التخوين، والقضايا العالقة تُسوَّى بشكل عادل وكريم، والمعضلة فى التمويلات الخفية عبر الأبواب الخلفية بالاتصال الشخصى أو فى مؤتمرات خارجية عبر وسطاء، هنا مربط الفرس، قانونية التمويلات المحلية والدولية ينظمها القانون، والقانون أيضًا يكافح التمويلات عبر الأبواب الخلفية.. لماذا يلجأ البعض إلى التمويلات الخفية؟.. هذا ما يستنكفه الشرفاء، وهم كثر فى سياق المنظمات الحقوقية.