حمدي رزق يكتب: حلاوتها زايدة حتة
التهانى المسيحية البديعة على الصفحات الفيسبوكية بالمولد النبوى الشريف.. بصراحة حاجة تفرح القلب، حلاوتها زايدة حتة.
ومجاملة نفر من القساوسة بشراء حلوى المولد وإهدائها للمحبين، يؤجرون عليها وطنيًا، مثل هذه الصور الطيبة ترطب حَرُور الحياة، وتشيع البهجة فى النفوس الطيبة، حاجة تفرح، فيها حاجة حلوة.
زفت صفحات الفيس صورًا لطيفة لقساوسة بلباسهم الكهنوتى الأسود يحملون علب حلوى المولد الملونة بابتهاج، لفتة مصرية مفعمة بالمحبة، صورة حلوة تدلف إلى كتاب «فقه المواطنة الشعبية»، وهو كتاب يحوى قصصًا وحكايات ومرويات تشرح القلب المفعم بالمحبة.
صور القساوسة فى المولد النبوى الشريف وسط الناس المبتهجة، لا تخطئها عين مراقب عن كثب لتجلى المواطنة فى يوميات هذا الشعب الطيب.. ويزخر الفيس وتويتر بقصص لطيفة يقصها علينا إخوتنا الأصلاء تعبيرًا صادقًا عن محبتهم وتشوقهم لحلاوة المولد.
فى المحروسة، بإذن ربها، لا تفرق بين الطيبين فى مولد النبوى الشريف، كما لا تفرقهم فى ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. يجتمعون عادة فى الموالد بالملايين، مسيحيين ومسلمين، تراهم متزاحمين فى مولد السيدة العذراء فى دير «درنكة» بأسيوط.
لا تسألن عن السبب، وهل يُسأل محب عن المحبة؟ القسيس الذى نفر إلى شراء حلوى المولد أحد عناوين المحبة، وإن تعدوا صور المحبة فى الكنانة لا تحصوها.
صورة بألف مما تعدون، صورة تقول إن المحبة ساكنة تحت الجلد تحديدًا فى قلب الطيبين، ليتكم تفقهون طقوس «فقه المحبة»، الذى جافاه قساة القلوب.
تجلى هذه الصور الطيبة يمحق صورًا كئيبة ظهرت هناك فى نفوس ضربت بالكراهية، بين ظهرانينا بشر يقتاتون الكراهية، ويصدرون الجفوة، ويظلمون ذوى القربى، ويطالعون كتاب «فقه الكراهية».
هذا الصنيع الطيب من الطيبين، يمحق عقودًا طويلة عبرت، تفشت فتاوى الكراهية وصدرتها وجوه قبيحة، وألسنة حداد سلقت إخوتنا بفاحش القول، وهم أقرب إلينا «.. وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ». (المائدة/ ٨٢).
مقاومة الآفات الضارة التى ترعى فى زراعات المحبة بطرق المكافحة اليدوية تخفف وقع وباء الكراهية الأسود، ولكن رش الحقول الواسعة على مستوى الوطن يستوجب تدخل الدولة فى مقاومة آفة الطائفية البغيضة، يستوجب الرش الأفقى من أعلى، الوباء شديد، ضرب الزراعات الوطنية، ورق الزرع اصفرّ فى الأرض الشراقى لماء المحبة الشحيح.
القسيس الذى اشترى حلوى المولد لم يصطنع صورة، فحسب يعبر عما يستبطنه من محبة، عمل ما يمليه عليه قلبه، ووصاه به السيد المسيح، عليه السلام، فى عظة الجبل، هل عملنا ما علينا، هل قمنا بالواجب، هل أصلحنا المسار، هل روينا الحقول بماء المحبة؟!
هلا تشربت الأجيال الشابة معنى المحبة، الذى يستبطنه العجائز مثلنا، وهن العظم واشتعل الرأس شيبًا، ونحن نتشوق لقطرات ندى المحبة تلمع على الورق الأخضر ساعة شروق شمس الوطن.
خلاصته، نحن فى الأصل كيان واحد وأعيادنا الدينية مثل أعيادنا الوطنية، مناسبات قومية نجتمع فيها على المحبة، وفى ميلاد المسيح نتشارك فى محبته، وفى شهر رمضان تشارك الكنائس بموائد إفطار، والقساوسة يشترون صكوك الأضحية، بُوركتم أهل دار طيبين.. وطاب مسعاكم.