حمدي رزق يكتب:« لاعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل»
بين ظهرانينا أجيال سمعت عن الحرب ولم ترها، ولم تُصخ السمع لبيانات حرب أكتوبر العظيمة التى كانت تُشعل الأفئدة فرحًا.
واللقطات الفيلمية المتوافرة عن الحرب لا تُجسد ذرة من عظمة الجيش المصرى وعظمة جنوده وقادته العظماء، ولا ترسم صورة الشعب المصرى الصابر القادر على تحقيق المعجزات.
أبطال معركة «حقول المانجو» فى «أبوعطوة» أطلوا علينا أمس كالأقمار المنيرة، نموذج حى ومثال حقيقى للبطولة والفداء..
نالوا تصفيقًا مستحقًا وقوفًا لدقائق دمعت فيها العيون، ما كل هذا الألق والبهاء والعظمة مجسدة، انحنت ظهورهم على النصر، فانحنت لهم الجباه.مشهد فريد فى الاستراحة بين فقرات الحفل الأنيق، وقفنا طابورًا لنُقبّل الرؤوس البيضاء، بعد أن انحنى لتحيتهم الرئيس السيسى، وأدى لهم بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبمعية القائد العام الفريق أول محمد زكى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، وقادة القوات المسلحة، ورهط غفير من الحضور، التحية «جماعة» فى مشهد جد فريد استثنائى، لا تجود بمثله إلا الجيوش الأصيلة التى تتمتع بالوفاء.. والوفاء عملة نادرة فى هذا الزمان.
وتجلى الوفاء، والرئيس مخاطبًا شعب مصر العظيم فى الندوة التثقيفية الـ٣٦ بمناسبة الذكرى الـ٤٩ لنصر حرب أكتوبر المجيدة، وفى مفتتح كلمته يوجه التحية إلى روح طيب الذكر الرئيس «محمد أنور السادات» صاحب قرار العبور الشجاع.
إعادة الاعتبار لهذا القائد التاريخى من منصة القوات المسلحة العالية، ومن القائد الأعلى، وبكثافة فيلمية تسجيلية فاخرة، ومع دخول نصر أكتوبر عامه الخمسين، احتفالًا بيوبيله القضى، من دواعى السرور، حاجة تشرف، وتفرح القلب، معلوم «لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل».
ما تذهب إليه الشؤون المعنوية من التذكير بالأبطال العظام فى مسيرة المجد خليق بالتقدير، القوات المسلحة المصرية تعرف بحق قدر قادتها، وتُنزلهم منازلهم تكريمًا واحتفاءً، جريًا على قواعد حاكمة سنها القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى وجّه بإطلاق أسماء القادة على القواعد والأسلحة والمعسكرات، فضلًا عن المحاور والكبارى، لتظل هذه الأسماء فى الذاكرة الشعبية، لا تنمحى بتعاقب السنين، وبمرور الأيام.
السادات الذى اغتالته رصاصات الغدر فى يوم نصره، للأسف تكالبت على سيرته العطرة الأكلة تكالبها على قصعتها، ونهشت فى خشبة جثمانه الأَرَضَةُ (النمل الأبيض)، ولوثت سيرته منابر عقورة بلغوٍ بغيض، وجرى استلاب منجزه التاريخى بثأرية ماضوية مستعرة وإلى الآن.
اغتيل السادات مرتين، الأولى برصاصات الإرهاب الأسود فى يوم أسود كئيب، والثانية بألسنة حداد ساقت اتهامات رخيصة، سقطت فى اختبار التاريخ العسكرى الذى يسجل السادات بطل نصر أكتوبر، وصاحب قرار الحرب، والقائد الذى عبر بالبلاد من الهزيمة إلى النصر.
خطورة استلاب نصر السادات من قبل خصومه السياسيين أنه يتماهى، للأسف، مع مخطط استلاب نصر أكتوبر من تاريخ العسكرية المصرية، وانتقاصًا من معجزة العبور التاريخية.
البعض للأسف يخدم مخطط العدو من حيث لا يدرى، وأخشى خبثًا تاريخيًا بات واضحًا فى الانتقاص من شجاعة قرار السادات، فيرتد انتقاصًا من عظمة النصر العظيم، وهذا ما يرومه أعداء مصر، ولكن هيهات.. الذاكرة حية تُنعشها الشؤون المعنوية بمدد لا ينفد من جواهر تاج العسكرية المصرية الأبية.