خيوط الأمل … بقلم : نورهان محمد عامر
سلاماً وألف جنائن ورد وفل وياسمين وباقة من النرجس على الذين تضحك عيونهم رغم خيبات أقدارهم، الذين يخفون خلف ملامحهم قصصاً من الحزن لا يشعر بها غيرهم، الذين يصعدون بأرواحهم إلى سماء الأحزان ولا تزال تبتسم وجوههم، سلاماً وألف سلام على قلوبهم وأرواحهم التي أرهقتها الأحزان والأوجاع، سلاما لمن ألقت الدنيا في طريقهم الشوك فعبروا طريقهم كاتمين همومهم، مرددين دوما لعل نهاية هذا الطريق الصعب بستاناً من الزهور، عشنا ما لا نريد ونلنا مالا نستحق ثم نقضي أعمارنا نتسائل أكنا نستحق كل هذا الألم لنتعلم أم أننا أفرطنا في أحلامنا ونسينا أننا نعيش في واقع مرير يغتال الحلم دائماً.
جميعنا عاش حياته بالطول والعرض والصبر والتحمل وبالصمت والإنتظار والصبر، وحين أخبرونا بأن نغادر ما يؤذينا وجدنا أن الأذى قد تمكن من قلوبنا وأرواحنا، ولكننا لسنا ضعفاء ولم يصيبنا الإحباط بعد لكننا قد وصلنا لمرحلة نفذت فيها طاقتنا وقدرتنا على التحمل، وإنتهى رصيد المشاعر في قلوبنا وأصبحنا لا نعرف ماذا ينتظرنا بعد ربما نسجنا خيوط الأمل مع الأشخاص الخطأ، رسمنا مستقبلنا معهم ونسينا حقيقة أنهم رسموا أحلامهم مع غيرنا تمنينا قربهم وأرادوا هم هجرنا، ليس ذنبهم أننا أحببناهم ولكن لا يجب أن نُلام نحن أيضا على حبهم ياليت القلوب كانت بأيدينا وليت لنا سلطة على قلوبنا، ربما نختار ألا نحب من لا يحبنا ولكن أكثر ما قد يثير الضحك هو أن ذلك الحب والعشق الذي بات موجوداً في قلوبنا يجعلنا نئن من الألم لرؤيتهم سعيدون مع غيرنا ونحن لا نزال غير قادرين على نسيانهم أو حتى التعافي من حبنا لهم.
منتهى السخرية أن نرى أحلامنا تُهدم وقلوبنا تتحطم أيضاً ونحن لا نملك حق جمع شتات قلوبنا وأرواحنا، أشياء كثيرة ليست بأيدينا إنما هي أقدارنا حب يسيطر على قلوبنا فيغير ترتيب أفكارنا، وشخص نحبه حد الجنون ونشتاق إليه ولكن كُتب على القلب فراقه وفقدانه مدى الحياة وشخص يتركنا فيرحل فتغيب من بعده شمسنا وتذبل في الحياة أزهارنا، وأخر يتلهف لرؤيتنا ويشتاق إلينا ولكنه بعيد جداً عن تفكيرنا وقلوبنا ويصعب عليه تقبل ذلك صدقاً، ليس بأيدينا من نحب ومن نكره إنها أقدارنا نحن مع القدر والنصيب حين نولد وحين نحب وحين نموت، نحن لا نحب حين نختار ولا نختار حين نحب، فالحب قدر يأتي بلحظه بصدفه بغمضة عين دون موعد ولا منطق فهو الأجمل رغم عذابه والأصدق رغم أوجاعه، ولكننا عندما نكتب عن الألم لا نقصد لفت الإنتباه ولا أن يشفق علينا أحد.
أحياناً تكون المشاعر المخزونة بداخلنا كثيرة ونخففها بالكتابة عنها لعلنا نشعر ببعض الراحة النفسية، قد يكون ما يحزننا شئ لا يذكر وقد نخجل أن نبوح به كي لا نُستصغر، لكنها ياسادة رواسب الأيام تراكمت فشكلت حملاً ثقيلاً أتعب قلوبنا وصدورنا فـ نبوح به، فلا تأخذوا الناس على محمل الأبديه فليس كل شخص مر بنا مقدر له أن يستمر في حياتنا، فمنهم من يرحل ويترك لنا ذكريات حلوه نبتسم دون شعور وتضحك أعيننا وتملأ البهجه وجوهنا حين تذكرها وترتسم على شفانا إبتسامات لا مثيل لها، ومنهم من يترك لنا ذكريات موجعه لا تموت أبداً ولا تنسى وتدمع أعيننا كلما تذكرناها، ومنهم من يبوح ويعترف ومنهم من يتكتم وينصرف ويبقى القلم يعزف ألحانه ما بين تنهيدة وغصة، بين ذكرى حلوة وأحيانا مُره ثم نمضي وتمضي بنا الأيام وتبقى القصه مبتورة الفصول لو عادت لتنفسنا الحب هواءً ولأحكمنا غلق شبابيكنا خوفا من هبة كدر تلوث هوائنا العليل.
لو عادت بنا الأيام لأستفتينا قلوبنا نحن بدلاً من البشر وإتبعنا السعاده منهجاً وحملناها ووهبناها للآخرين، فـ السعادة هبة من الله وهدية تكثر إذا تقاسمناها ولا تنقص أبداً، لو عادت بنا الأيام لإحتفلنا بالفرح مقيماً لفتحنا له أبواباً مهللين فرحين، لجلسنا حول مائدتنا طويلا لملأنا ذاكرتنا بالفرح والصور والضحكات والذكريات والتفاصيل الكثيرة التي تجمعنا في الماضي، لو عادت بنا الأيام لمررنا سريعا أمام الحزن وإعتبرناه عابر سبيل إكرامه واجب ثم نودعه إلى حال سبيله وإنتهينا منه منذ البداية.