“زعيم” الفن في مصر والوطن العربي … فخر وعشق فن في يوم ميلاده
كتبت/ مادونا عادل عدلي
نحتفل جميعا اليوم بعيد ميلاد الفنان عادل إمام، اليوم الموافق 17 مايو
حيث يحتفل بالفنان الملايين من الجمهور بمصر والوطن العربي بعيد ميلاده الثالث والثمانين، حيث ولد في مثل هذا اليوم من عام 1940 وسط أسرة مصرية بسيطة تعود أصولها لإحدى قرى المنصورة.
حيث امتد مشواره الفني لما يزيد عن 60 عاماً في ظاهرة لا تتكرر كثيراً، وارتبط به الجمهور العربي كنجمهم المفضل مع امتداد الأجيال من الجد للحفيد، ولا تزال أعماله الفنية حاضرة وجذّابة ولم تفقد بريقها.
وبمشوار الحياة، تحتفظ السنوات الأولى والمبكرة بذكرياتها، بنصيب كبير من الانعكاسات على ما تبقى من عمر الإنسان، وتظل مواقفها تلازمه دائما، وجمعت الزعيم عادل إمام ووالده علاقة خاصة، أخذت صورها في التباين، فبرغم أنها ضمت مواقف لم ترض عادل في طفولته، إلا أنه بتقدمه في السن، بدا أكثر تصالحا وتفهما مع والده وحافظا لجميله.
وفي مرحلة مبكرة، يحكي عادل إمام ما جرى، ويقودنا إلى ما بينه وبين الشاويش محمد إمام ويقول: كانت حياتنا أقرب إلى الكفاح والشقاء، كان أبي رغم قسوته يعرف ما يريد، ويصر على تعليمي بدرجة من التحدي والإصرار والعناد لم تكن تتوافر لكثيرين من أمثاله من الموظفين الحكوميين البسطاء.
ويوضح إمام: في صباي كنت أضحك وألهو وأسخر وأدبر المقالب، ولم أكن أخشى إلا شيئًا واحدًا في الحياة وهو أبى، لأنه كان يمثل جيل “سي السيد”، حسبما ذكر الكاتب الصحفي محمد الباز بكتابه “إمام وزعيم.. ما خفي بين الشعراوي وعادل إمام”.
ويكمل الكتاب في موضع آخر، ورسب عادل في التوجيهية، فتحول حلم والده من أن يكون من حاملي الشهادات إلى كابوس يهدد بعدم دخوله الجامعة، لم يستسلم الوالد إلى الكابوس، وقرر أن يمنح ابنه فرصة ثانية، محذرًا إياه من ضياع الفرصة الأخيرة، وإن لم ينجح فليس أمامه إلا أن يلتحق بالعمل في أي ورشة ليتعلم صنعة وينفق على نفسه.
لكنه للأسف الشديد رسب مرة ثانية في السنة النهائية بالثانوية، ويحكي عادل إمام ما حدث آنذاك: “كنت واثقًا أن والدي سيعلقنى من رجلي في السقف كالذبيحة، ولن يتردد في سلخ جلدي، لأنني ضيعت شقى عمره وبعثرت أحلامه في الهواء، لكن الغريب أن حالة والدي كانت أقل ثورة من المرة الأولى، حالة الحزن والغضب بداخله تحولت إلى حالة يأس، وفقد الأمل من ناحيتي نهائيًا، وقد أوجعني ذلك أكثر من الضرب”.
ويصف إمام العلاقة في تلك المرحلة، بالفجوة التي تفصل بينه وبين والده، واصفا إياها بالفجوة النفسية.
ويذكر الباز تحوّل الموقف، وتعويض الابن لأبيه عن مواقف مخيبة لآماله، وذلك حينما وقف الموظف البسيط الشاويش محمد إمام محمد بخاري، الذي يعمل في مصلحة السجون المصرية أمام رئيسه في العمل، الذي كان برتبة لواء ويعمل وكيلًا لوزارة الداخلية ليسأله: هل أنت فعلًا والد عادل إمام الممثل؟ تردد الوالد قليلًا قبل أن يجيب، لكن نبرة الود التي بدت له في صوت اللواء جعلته يقول: نعم عادل ابنى.
فوجئ الوالد باللواء يتحدث بإعجاب شديد عن عادل وأعماله التي وصفها بأنها عظيمة.
ويقول عادل: “عاد أبي من العمل طائرًا من الفرح، وكان يروي الواقعة أكثر من مرة والسعادة تملأ قلبه، ولم أراه على هذه الدرجة من السعادة من قبل، ويومها تمسكت بالفن أكثر وشعرت بأنه كان سببًا مهمًا في تحقيق مصالحة نفسية مع أبي، ربما لم أكن قادرًا عليها وحيدًا، وربما لم يكن هو مؤهلًا لعبور تلك الفجوة، لولا إحساسه بالفخر بي في مكان عمله تحديدًا، حيث أفنى عمره وظل منتميًا إليه حتى رحيله.