الدين معاملة

عندما يصبح العطاء سر السعادة

عندما يصبح العطاء سر السعادة

عندما يصبح العطاء سر السعادة
صورة ارشيفية

كتبت / دنيا أحمد

في أحد الأيام، كان شيخ حكيم يسير مع أحد تلاميذه في طريق يمر بين الحقول الخضراء، يتبادلان الحديث ويتأملان في خلق الله.

وخلال سيرهما، لمحت أعينهما حذاءً قديماً مرمياً على حافة الطريق، فقال التلميذ مبتسمًا:

“يا شيخي، ما رأيك لو أخفينا هذا الحذاء، وعندما يعود صاحبه – الذي يبدو أنه عامل فقير – يبحث عنه فلا يجده، فنرى ردّة فعله؟”

عندما يصبح العطاء سر السعادة
صورة ارشيفية

ابتسم الشيخ الحكيم وقال:

“يا بُني، لا نسعد أنفسنا على حساب معاناة الآخرين، بل ما رأيك أن نضع بعض النقود في الحذاء، ثم نختبئ لنرى ماذا سيفعل حين يجدها؟”

وافق التلميذ بحماس، ووضع بضع قطع نقدية داخل كل فردة من الحذاء، ثم اختبأ هو وشيخه خلف الأشجار القريبة.

لم تمضِ دقائق حتى أتى العامل الفقير، مرهق الخطى، تغطيه آثار العمل تحت الشمس، وعندما همّ بلبس الحذاء شعر بشيء غريب بداخله، فتوقف وأخرجه، فإذا به يُفاجأ بوجود نقود!

عندما يصبح العطاء سر السعادة
صورة ارشيفية

فتح العين الأخرى فوجد مثلها، وتردد للحظة، ظنّ أن ما يراه سراب، ثم رفع رأسه ونظر حوله، باحثًا عن أحد… لم يجد أحدًا.

توقف الرجل لوهلة، ثم خرّ على ركبتيه، ورفع يديه إلى السماء ودموعه تنهمر على وجنتيه، يناجي ربه قائلًا:

“اللهم لك الحمد… لقد علمت بحالي، علمت بمرض زوجتي وجوع أطفالي، ففرّجت كربي بهذا الرزق المبارك. أشكرك يا رب، يا واسع الرحمة.”

ظل الرجل يبكي طويلاً، وفي كل دمعة كان يشكر، وفي كل تنهيدة كان يحمد.

تأثّر التلميذ بشدة، وامتلأت عيناه بالدموع، ثم التفت إلى شيخه قائلاً:

“يا سيدي، ما أعظم هذا الدرس! لقد أحسست بسعادة لم أشعر بها من قبل. الآن فقط فهمت كيف يكون العطاء أعظم من الأخذ.”

ابتسم الشيخ وقال:

“يا بني، اعلم أن للعطاء وجوها كثيرة:

 • أن تعفو عند المقدرة عطاء

 • أن تدعو لأخيك بظهر الغيب عطاء

 • أن تلتمس له العذر وتصرف عنك سوء الظن به عطاء

 • أن تكف عن ذكره في غيبته عطاء

فالعطاء لا يُقاس فقط بما في اليد، بل بما في القلب.”

زر الذهاب إلى الأعلى