مقالات

المصارف الصحية في مواسم الأمتحانات النهائية

المصارف الصحية في مواسم الأمتحانات النهائية

المصارف الصحية في مواسم الامتحانات النهائية
أرشيفية

كتب / شريف محمد

تنشغل البيوت المصرية بل والعربية ، وتُشعَل مَشاعِل المُراجَعة و الاستذكار ؛ سورة (يس) تتعطر بها أفواه الأمهات ، والتبريكات في كل قُداس في الكنائس لأبنائنا الطلاب .

مصر على أعتاب معارك ضارية( دَاحِس العلوم) في مواجهة ( غَبرَاء الرياضيات)،والتَرقُّب من (بسوس اللغات)..إنها ( أيام العرب ).

…وتُدَقُّ الأجراسُ مُعلنةً اندفاع تيارات العلوم الجارفة من العقول الوارفة ، إلى أوراق الامتحانات الذابلة . … ثم مَأساة ومَلهاة ما بعد الاختبارات ، فتكفي جملة : ( ماما الامتحان كان سهل…واللي المستر قاله جِه) فتندفع المياه في العُروق ، ويذهب الظمأ ، و يَثبُت للمُعلِّم( المستر) الحجز في الفصل الدراسي الثاني- إن شاء الله- ، أو في العام الدراسي الجديد .

وماذا يحدث في المُقابل ؟؟! ..( الامتحان صعب ..خارج التوقُعات.. اللي المِستر قاله ماجاش) .. أمام هذهِ العبارة ماذا يفرض العقل أو منطقية التفكير ؟ توجيه اللوم للمعلّم ( المِستَر ) ، لكنها أمهات مصر والعرب ، ورِجالاتها ، الواقعين تحت ضغط هؤلاء النِسوة اللاتي قطَّعن أيديهن من التعب طوال فصل دراسي كامل ؛ فيهرع الجميع إلى وسائل التواصل الاجتماعي ، و( جروبات المامييييز)، سَبًّا، ولعناً ، واحتساباً عند الله ، تعب الأولاد والفتيات .

..ولفك هذا التيار الجامح من الغضب ، وتحريك المياه المُعتكِرَة الآسِنة في أحواض الغضب المنزلية ، تنفتح حُفَر الصرف ( بالوعات) الشكوى ، وتصعيد الأمر للمسئول ، على اختلاف درجاته ، وعلى حسب نوع الشهادة و قيمتها ؛ و ما هي إلا سويعات قليلة حتى تنفتح فتحة الصرف الصحي لغضب ما بعد الامتحان بالعبارة الشهيرة( يتم التحقيق الآن وبحث الأمر ) ، فتفرغ الأحواض ، وتندفع المياه في مصارفها الشرعية ، إلى الخلاء ؛ ليغيب عن العقول في الخلاء، و المُغيبة بفعل بكاء الفتيات والفتيان ، أن هناك من تسلل من الاختبار بهدوء ناظرا لمستقبله ، مردداً : (الامتحان كان فيه تِركات) ..والجواب جاهز من الأهلين : ( أصل ده دحيح ).

..وكأنه من المفروض أن يذهب الطلاب والطالبات إلى الأسماء الأشهر في كل مادة دراسية، مُتسكعين قبل الدرس ،وبعد الدرس ، و ليلة الامتحان ، متبادلين النِكات والتعليقات على حساباتهم على (الفيس) و( التيك توك) و عبارات الملاطفة للمعلمين الذين تفننوا ليلة الاختبار في مُلاطفة الزبائن من طلّاب وطالبات..على أملٍ بلقاءٍ قريب..
..كل هذا العبث ولانقبل فكرة ( وهل للإنسان إلا ما سعى)
ومن أدبيات السعي توجيه اللوم للنفس و ليس لمن سِوّاها ، مُحاسبة من تسبب في فجورِها أو تقواها . صحيح أن نجاح الطالب هو من حظ المُعلِّم ، وشفاء المريض هو رزق الطبيب ، لكن متى ؟!! بعد الأخذ بالأسباب ؛ لكن من غَزت إعلاناتهم وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من مسلسلات رمضان ، وطاردت صورهم ودعايتهم الطلاب في المخادع ، بكل أسف منهم الكثير المُخادع.

يا سادة في كل عام يشغل التعليم ومناهجه الأوساط الفكرية والاجتماعية المصرية، والمُنتج الجيد موجود وحقيقي لكنكم تغفلون عنه..
..تغفلون عن أوائل الشهادات الدراسية كل عام ، تغفلون عن طلاب في كل أنواع ومجالات التعليم ،لزموا وأهاليهم الصمت ، ليس لأنهم دحيحة ، ولكن هذا هو طلب العلم والسعي الصحيح له، أنصت حتى تتعلّم .
..و للسادة أولياء الأمور نقول :…
ها أنتم هؤلاء فرّغتم ضغوطاتكم من( مَصرِف) الشكوى ، وغفلتم عن جانب كبير من الكارثة وهي : هل استذكر أولادكم بالشكل الصحيح؟!.. هل أحسنتم اختيار المعلّم القُدوة ذي العلم؟!..هل ناقشتموه وحاسبتموه كما حاسبتم المسؤلين ؟!..
..ماذا أعددتم بعد فراغ الأحواض ؟!..
….رحمك الله يا أمير الشعراء:((
*إلاَمَا الخُلفُ بينكمُ إلاَما..
وهذي الضجةُ الكُبرى عَلاما
*وأين ذهبتُم بالحقِ لمّا..
ركبتُم في قضيتِهِ الظلاما..؟!!))

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى
error: <b>Alert: </b>Content selection is disabled!!