عادل إمام.. الزعيم الذي هزمه الزمن

كتبت / دنيا أحمد
في أحد لقاءاته القديمة، جلس الإعلامي مفيد فوزي أمام الفنان عادل إمام وسأله: “مين هو منافسك الحقيقي؟”.
فأجابه الزعيم، بهدوء وثقة: “الزمن.. هو المنافس الوحيد ليا.”
ضحك مفيد فوزي متفاجئًا من الإجابة، لكنه لم يكن يعلم أن تلك الكلمات ستتحول يومًا إلى نبوءة حزينة.
اليوم، يمر الزمن على عادل إمام كما مر على الكبار من قبله. الزعيم الذي ملأ الشاشات ضحكًا، والقلوب حضورًا، صار بعيدًا عن الأضواء، تلاحقه شائعات المرض والنسيان، وتخيم حوله ظلال الوحدة، بعد أن كان نجمًا لا يغيب.
رُوِي أن الزعيم، مثل والده الراحل، قد يكون الآن يصارع مرض الزهايمر. وكأن الحياة تعيد نفسها، بعدما كشف المخرج رامي إمام أن جده – والد الزعيم – توفي مصابًا بهذا المرض القاسي، دون أن يتعرف في أيامه الأخيرة على ابنه أو أحفاده.

عادل إمام قدم فيلم “زهايمر” عام 2010، وكان ذلك قبل أن تبدأ الشكوك تحوم حول حالته الصحية. لم يكن مجرد دور، بل ربما كان رسالة أو حتى تكريمًا غير مباشر لوالده. الغريب أن رفيق دربه سعيد صالح، الذي شاركه البطولة، كان قد بدأ هو الآخر معركته مع المرض ذاته. أحد المشاهد التي جمعتهما بكى فيها عادل إمام بصدق، وكأن دموعه تسبق قدره.
لكن عادل إمام لم يكن مجرد ممثل، بل كان رمزًا عربيًا، صاحب تأثير لم يحققه فنان مصري آخر. تفوق على الموهبة بالذكاء، وعلى الضحك بالبقاء، وعلى المنافسين بالثبات. ظل لعقود كاملة الرقم الصعب في المعادلة الفنية. عرف متى يظهر، ومتى ينسحب، ومتى يتحول من الشاب العاشق إلى الأب الحكيم، ثم الجد العاقل.

عُرف عنه الوفاء لأصدقائه، ساعد يونس شلبي في لحظاته الصعبة، وأحاط نفسه دائمًا بفريق عمل ثابت يشبه عائلته الفنية: أحمد راتب، مصطفى متولي، يسرا، رجاء الجداوي، وآخرون.
اليوم، يقف الزعيم على حافة العمر، بعيدًا عن التصفيق والكاميرات، متأملًا مشوارًا لا يُنسى.
ويبقى السؤال:
أين جمهور الزعيم؟
هل نسيه كما نسي هو العالم من حوله؟
أم أن الزمن فقط هو من أخذ مكانه، بعد أن كان هو من يتحدى الزمن؟
في النهاية، تبقى أعماله خالدة، من “المشبوه” إلى “الإرهابي”، ومن “شاهد ما شفش حاجة” إلى “الواد سيد الشغال”، وحتى “الزعيم”، الذي كان ولا يزال اسمًا على مسمى.






