فلاحة بورسعيد تشوه التاريخ
بقلم الكاتب: محمد الشافعي
قام جيش مصر العظيم بتكليف أبطال بورسعيد من الفدائيين بنسف تمثال الخائن ديليسبس بعد انتصار مصر على قوى العدوان الثلاثي في الثالث والعشرين من ديسمبر عام 1956 وحظي هذا العمل بتأييد كل الشعب المصري بل كل أحرار العالم وبعد توقيع معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني عام 1979 بدأت بعض الأصوات الخجلى تطالب بعودة تمثال الجلاد ديليسبس خاصة وأن ذات العام شهد إنشاء جمعية أصدقاء ديليسبس في باريس رغم قرار الدولة الفرنسية بعدم تكريم هذا النصاب الذي مات محكوما عليه بالسجن في قضية مخلة بالشرف وهي التورط في أعمال رشوة كبيرة وتوالت موجات وصعود المطالبة بعودة هذا التمثال وكانت أشدها في العام الماضي وقد شاركت في حملة وطنية كبيرة لكشف كل الوثائق والحقائق التي تدين الأفاق ديليسبس وقد انتهت هذه الحملة بأمرين مهمين صدور قرار من الرئيس السيسي بنقل التمثال من بورسعيد إلى متحف قناة السويس بالإسماعيلية وصدور كتابي ديليسبس الأسطورة الكاذبة عن الهيئة العامة للكتاب ورغم ذلك هناك من يتحدث حتى الآن عن عودة التمثال رغم كل الحقائق والوثائق التي قدمناها..وسارع محافظ بورسعيد بعمل ميدان جديد على بعد خمسمائة متر من قاعدة التمثال القديم وأقام في منتصفه تمثالا قيل إنه للفلاحة المصرية وقد أثار هذا التمثال الكثير من اللغط والرفض وأثناء وجودي في بورسعيد منذ عدة أيام للمشاركة في ندوة بمعرض الكتاب عن تاريخ المقاومة
ذهبت في صحبة مجموعة من الأصدقاء مثقفي وأدباء بورسعيد لمشاهدة التمثال الجديد الذي وضعه المحافظ قريبا من القاعدة التي كان عليها تمثال الخائن ديليسبس وقد افتتح المحافظ ساحة هذا التمثال الذي أطلقوا عليه إسم الفلاحة المصرية يوم الخميس الماضي قبل أن يتم تهيئة وتجهيز الساحة وبعد مناقشة طويلة مع المهندس المشرف على تنفيذ ساحة الميدان ومعه مجموعة من مواطني بورسعيد اتفقنا جميعا على مجموعة من الأفكار والحقائق أهمها مايلي…… أولاً التمثال عبارة عن حواوشي تاريخي فقد جمع الفنان بين جناحي حورس والتاج الروماني على الرأس والكوبرا التي كانت على جبين كليوباترا البطلمية مع عباءة رومانية ولم يقترب من أي شيئ يخص الفلاحة المصرية. ثانيا ملامح وجه التمثال جامدة ومتجهمة ومنكسرة والعيون تؤكد بأنها عمياء وليس لها أي علاقة بمصر وعلى من يريد التأكد من ذلك أن ينظر مجرد نظرة لتمثال نهضة مصر للفنان العظيم محمود مختار والذي استطاع تجسيد مصر شامخة قوية. ثالثا صنع الفنان من الجوانب الأربعة للتمثال ساحة بشعة لتزوير التاريخ وتشويه الحقائق حيث حملت الجوانب الأربعة لوحات من الحفر البارز عن حفر قناة السويس الأولى لفلاحين أقوياء يحملون الكواريك والمقاطف- أدوات الحفر – ويسيرون بهمة ونشاط إلى ساحة الحفر أما اللوحة الثانية فلهؤلاء الفلاحين وهم يحغرون بكل القوة والعزم وتقدم اللوحة الثالثة هؤلاء الفلاحين وهم ينقلون بكل الهمة نواتج الحفر على عربات مثل التي تستخدم في الحدائق وتقدم اللوحة الرابعة الخديو إسماعيل وهو يصافح فلاحا يشبه المصارع القوي بعد عودته من ساحة الحفر ولم تشر اللوحات الأربع إلى السخرة والقهر والقتل الذي تعرض له الفلاحون الغلابة مما أدى إلى قتل وإمراض عشرات الآلاف منهم وبهذا الشكل يتضح أن الهدف الأساسي لهذا التمثال المشوه مجرد غسيل سمعة للخائن اللص ديليسبس. رابعاً علمت من مواطني بورسعيد الذين تصادف وجودهم عند التمثال أن إحدى الشركات الخاصة هي من أنفقت على هذا التمثال المشوه والساحة التي يقف فيها وذلك مقابل تسهيلات كبيرة جداً منحها المحافظ لهذه الشركة وقد لخص أحد الشباب كل الأمر عندما قال بسخرية إيه إللي جاب الفلاحة للملاحة وياريتها كانت فلاحة.