عاجلعالم الفن

في ذكراه.. مصطفى متولي “الشرير الطيب” الذي أبكى الزعيم على المسرح

في ذكراه.. مصطفى متولي “الشرير الطيب” الذي أبكى الزعيم على المسرح

مصطفى متولي

كتبت / مايسة عبد الحميد 

في مثل هذا اليوم، رحل عن عالمنا أحد أبرز الوجوه التي حفرت اسمها في ذاكرة السينما والدراما المصرية.. رحل الفنان مصطفى متولي، بملامحه الصارمة التي أخفت قلبًا طيبًا وروحًا مرهفة، وقدرة تمثيلية استثنائية جعلته يترك أثرًا لا يُمحى في كل دور جسّده.

عرفه الجمهور في أدوار الشر، لكنه لم يكن أبدًا الشرير النمطي، بل أضفى على كل شخصية عمقًا إنسانيًا ولمسة فنية خالدة. علاقته القوية بالفنان عادل إمام، صديقه ونسيبه، كانت حديث الوسط الفني، لكنها لم تكن يومًا سببًا في بريقه؛ بل كانت الشراكة بينهما بوابة لاكتشاف موهبة لا تعرف التكرار.

وُلد مصطفى متولي عام 1949 بمدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، وظهرت موهبته في سن مبكرة من خلال مشاركته في المسرح المدرسي، ليشق طريقه لاحقًا إلى معهد الفنون المسرحية بالقاهرة، حيث بدأ خطواته الأولى في عالم الفن.

بدأت رحلته الاحترافية في السبعينيات بأدوار صغيرة في أفلام مثل “خلي بالك من زوزو”، و”ضربة شمس”، ومسلسلات “لا يا ابنتي العزيزة” و”مارد الجبل”. لكن موهبته الكبيرة لم تحتج لوقت طويل لتُزهر، وسرعان ما أصبح اسمًا لامعًا على خشبة المسرح وفي شاشات السينما والتلفزيون.


جمعت مصطفى متولي علاقة مصاهرة وصداقة طويلة بالفنان الكبير عادل إمام، إذ تزوّج من شقيقته إيمان. هذه العلاقة فتحت أمامه أبواب المشاركة في عدد من أبرز الأعمال التي شكّلت جزءًا من الذاكرة الجماعية للمشاهد المصري.

في لقاء نادر له بالتلفزيون المصري، رد مصطفى متولي على الانتقادات التي ربطت ظهوره الفني بعادل إمام، قائلاً:
“أنا ممثل، ودي شغلتي، ولما ييجي عرض من الزعيم، أكيد هقبله، لأني ضمن أن شغلي هيوصل لجمهور كبير.. والناس كتير استفادوا من جماهيريته، وأنا منهم، لكن ده لا ينفي موهبتي”.

من أبرز أعماله مع عادل إمام:
مسرحية “الواد سيد الشغال”، وأفلام “الإرهاب والكباب”، “سلام يا صاحبي”، “جزيرة الشيطان”، “بخيت وعديلة”، و”شمس الزناتي”.


رغم ارتباطه بعادل إمام، قدّم مصطفى متولي عشرات الأدوار البعيدة عن ظله، وأثبت فيها مكانته كفنان متعدد الملامح. من أبرزها:
“لن أعيش في جلباب أبي”، “أوبرا عايدة”، “بكيزة وزغلول”، “حلم الجنوبي”، “أم كلثوم”، “جمهورية زفتى”، “أنا وأنت وبابا في المشمش”، و”حياة الجوهري”.

كانت مسرحية “بودي جارد” آخر أعماله، وأداها في الخامس من أغسطس عام 2000 بكل طاقته المعهودة، دون أن تظهر عليه أية علامات تعب. بعد انتهاء العرض، قضى سهرة ودية مع أصدقائه المقربين: عادل إمام، سعيد عبد الغني، ومحمود الجندي. في الساعات الأولى من الفجر، صُدم الجميع بخبر وفاته إثر أزمة قلبية مفاجئة.

لم يكن الرحيل سهلًا على عادل إمام، الذي أصرّ رغم الألم على استمرار العرض في اليوم التالي احترامًا للجمهور، وأسند دور متولي إلى الفنان محمد أبو داوود. لكن الموقف لم يكن سهلًا، فالممثلة السورية رغدة انهارت على المسرح بعد ظهور أبو داوود، وصرخت في وجه الزعيم:
“انت يا أخي مبتحسش.. حرام عليك!”

وفي نهاية العرض، وقف عادل إمام يصرخ باكيًا على خشبة المسرح:
“أنت فين يا متولي؟!”

لم يكن مصطفى متولي مجرد ممثل موهوب، بل إنسان عاش بسيطًا ورحل فجأة، تاركًا وراءه إرثًا من الأعمال التي لا تزال شاهدة على موهبة استثنائية. أنجب ثلاثة أبناء، أبرزهم عمر متولي الذي ورث حب التمثيل، لكن ظل الأب علامة لا تُنسى في تاريخ الفن المصري.

رحل مصطفى متولي، لكن ملامحه لا تزال تعيش بيننا.. في كل مشهد أداه، وكل دمعة نزلت من جمهور صدّق ملامحه، حتى حين جسّد الشر.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى