عاجلعالم الفن

في ذكرى ميلاد «نبوية موسى» ومسيرة ملهمة في حياة رائدة العمل الوطني

في ذكرى ميلاد «نبوية موسى» ومسيرة ملهمة في حياة رائدة العمل الوطني

في ذكرى ميلاد «نبوية موسى» ومسيرة ملهمة في حياة رائدة العمل الوطني
«نبوية موسى»

  ولدت نبوية موسى محمد بدوية في 17 ديسمبر 1886 بقرية كفر الحكما بندر الزقازيق، محافظة الشرقية. كان والدها ضابطًا بالجيش المصري برتبة يوزباشي، يمتلك في بلدته بمديرية القليوبية منزلًا ريفيًا كبيرًا وبضعة فدادين يؤجرها حين يعود لمقر عمله. ويشار إلى سفر والد نبوية إلى السودان قبل ميلادها بشهرين؛ فنشأت يتيمة الأب ولم تره كما تقول إلا في المنام. 

عاشت هي ووالدتها وشقيقها محمد موسى، الذي يكبرها بعشر سنوات، في القاهرة؛ لوجود أخيها بالمدرسة، واعتمدت الأسرة على معاش الأب وما تركه من أطيان. وفي طفولتها ساعدها شقيقها على تعلم القراءة والكتابة في المنزل، فتعلمت نبوية مبادئ القراءة والكتابة، وعلمت نفسها مبادئ الحساب، وعلمها أخوها اللغة الإنجليزية. ويشار إلى تعلمها الكتابة عن طريق محاكاة النصوص المكتوبة. ولما بلغت نبوية الثالثة عشرة من عمرها تطلعت لاستكمال تعليمها، غير أنها لم تجد أي مساندة من عائلتها عند اتخاذها هذا القرار، وجاء بعض من ردود كبار العائلة لنبوية صادمة ومنها: «عيب، مش أصول بنات العائلات، سفور وقلة حياء». وقال لها عمها «البنت للغزل مش للخط.»

في ذكرى ميلاد «نبوية موسى» ومسيرة ملهمة في حياة رائدة العمل الوطني
«نبوية موسى»

تقدمت للالتحاق بالمدرسة السنية للبنات بالرغم من معارضة أسرتها. 

ذهبت نبوية سراً إلى المدرسة، متخفية في ملابس خادمة ثم تقمصت دور أم تسأل عن تعليم ابنتها فقالوا لها أنه يجب تقديم طلب موقع بختم ولي الأمر حيث سرقت ختم والدتها، وكما تقول في كتابها «تاريخي بقلمي» لتقدم هي لنفسها بدلاً من ولية أمرها، وباعت سوارًا من الذهب حتى تحمل المدرسة على قبول طلبها الذي جعلته بمصروفات. فحصلت في النهاية على دبلوم المعلمات عام 1908، بعد أن قضت سنتين تحت التمرين في التدريس وثبتت في وظيفتها كمعلمة، وفي هذه الفترة بدأت تكتب المقالات الصحفية وتنشرها في بعض الصحف، مثل «مصر الفتاة» و«الجريدة».

نبوية موسى محمد بدوية هي أول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا وأول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية.

في ذكرى ميلاد «نبوية موسى» ومسيرة ملهمة في حياة رائدة العمل الوطني
«نبوية موسى»

تعد نبوية موسى كاتبة ومفكرة وأديبة مصرية، وهي إحدى رائدات التعليم والعمل الاجتماعي خلال النصف الأول من القرن العشرين، وهي أول ناظرة مصرية، وكانت من رعاة الدكتورة سميرة موسى عالمة الذرة المصرية، وكانت من رائدات العمل الوطني وتحرير المرأة والحركات النسائية المصرية القرن الماضي.

كانت المساواة شعار نبوية موسى؛ فلم تقبل أن تأخذ المرأة نصف راتب الرجل، فقررت دخول معركة البكالوريا -الشهادة الجامعية- لتتساوى مع خريجى المعلمين العليا، ولذلك أنشأت الحكومة لجنة خاصة لامتحانها ونجحت في النهاية.

التحقت «نبوية موسى» بالقسم الخارجي للمدرسة السنية عام 1901 بالقاهرة، وحصلت على الشهادة الابتدائية سنة 1903، ثم التحقت بقسم المعلمات السنية، وأتمت دراستها في 1906، وعُينت معلمة بمدرسة عباس الأول الابتدائية للبنات بالقاهرة. ولما كان مرتب المعلمة الحاصلة علي دبلوم المعلمات السنية ستة جنيهات مصرية في الوقت الذي يعين فيه خريج المعلمين العليا من الرجال بمرتب اثني عشر جنيهاً، احتجت لدى المعارف فأجابتها بأن سبب التفرقة هو أن متخرجي المعلمين العليا حاصلون على شهادة البكالوريا «الثانوية العامة»، فعقدت نبوية العزم على أن تحصل عليها واستعدت لها بمجهود ذاتي فلم يكن في مصر آنذاك مدارس ثانوية للبنات وتقدمت لهذا الامتحان متحدية مستشار التعليم الإنجليزي دانلوب، فأثارت ضجة في وزارة المعارف باعتبارها أول فتاة في مصر تجرؤ على التقدم لهذه الشهادة. وفي نهاية المطاف، نجحت نبوية في الامتحان وحصلت علي شهادة البكالوريا عام 1907 فكان لنجاحها ضجة كبرى، ثم حصلت على دبلوم المعلمات عام 1908.

في ذكرى ميلاد «نبوية موسى» ومسيرة ملهمة في حياة رائدة العمل الوطني
«نبوية موسى»

كان عملها بالتدريس، بمثابة تدخل سافر على عمل الرجال من وجهة نظرهم فقد اعتبروها هادمة البيوت وقاطعة أرزقاهم، وصاروا يتصيدون الأخطاء لها، وينتقدون أداءها، ويطالبون بفصلها. وبالمخالفة لما يثار عن أنها كانت تؤازر الاحتلال الانجليزي، فقد استغل هؤلاء المعلمون مقالاتها في مطبوعة “مصر الفتاة” التي كانت تكتبها تحت ضد الإنجليز تحت اسم مستعار، وأوصلوا نسخًا منها إلى ناظرة المدرسة التي تعمل بها. وعلى الرغم من أن ذلك أسس للخلاف بينهما، وكاد ليصل إلى حد فصل “موسى” نهائيًا من وزارة المعارف لأن القواعد تحظر على الموظفين الكتابة للصحف، لكن ثناء سعد زغلول باشا على كتاباتها ومقالاتها، كان سببًا في تحول موقف الناظرة.

في هذه الفترة بدأت نبوية تكتب المقالات الصحفية وتنشرها بعض الصحف المصرية مثل «مصر الفتاة» و«الجريدة». تناولت خلالها قضايا تعليمية واجتماعية وأدبية، كما ألفت كتابًا مدرسيًا بعنوان «ثمرة الحياة في تعليم الفتاة»، قررته نظارة المعارف للمطالعة العربية في مدارسها. وفي عام 1909، تولت نبوية نظارة المدرسة المحمدية الابتدائية للبنات بالفيوم، وبذلك أصبحت أول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية. نجحت نبوية موسى في نشر تعليم البنات في الفيوم؛ فزاد الإقبال على المدرسة، وبعد ثمانية أشهر من العمل تعرضت لمتاعب ممن ينظرون إلي المرأة المتعلمة نظرة متدنية؛ فرشحها أحمد لطفي السيد ناظرة لمدرسة معلمات المنصورة. وهناك نهضت نبوية بالمدرسة نهضة كبيرة حتى حازت المركز الأول في امتحان كفاءة المعلمات الأولية. كما انتدبت الجامعة الأهلية المصرية عقب افتتاحها عام 1908م نبوية موسى مع ملك حفني ناصف ولبيبة هاشم لإلقاء محاضرات بالجامعة تهتم بتثقيف نساء الطبقة الراقية.

تعد الفترة فيما بين 1937 / 1943 من أزهى فترات نبوية موسى وأكثرها نشاطًا وحيوية وفاعلية، ففيها تعدت الخمسين من عمرها، وقامت إلى جانب إدارة مدارسها في القاهرة والإسكندرية بالمشاركة في الأنشطة التربوية العامة والمؤتمرات التعليمية، وألَّفت رواية تاريخية باسم «توب حتب» أو الفضيلة المضطهدة، التي كانت تحتوي الكثير من المناقشات العلمية والأخلاقية، وبطلة هذه الرواية هي «توب حتب» رئيسة إحدى دور النظام التابعة لدير آمون حيث تدور أحداث الرواية. لكن نبوية كانت ترمز لمصر في حالتها الحاضرة. نشرت نبوية موسى أيضًا في هذه الفترة ديوانها الشعري، لأنها كانت شديدة الولع بالأدب والقراءة، وجاءت معظم قصائدها متعلقة بمناسبات.

توفيت نبوية موسى في 30 إبريل 1951 تاركة سجلا حافلا بالذكريات واستحقت عن جدارة لقب رائدة تعليم الفتيات المصريات. شاركت موسى في تأسيس الاتحاد النسائي المصري والعديد من الجمعيات النسوية.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى