في ذكرى وفاته.. محمد خان: رائد الواقعية الجديدة وصاحب البصمة الإنسانية في السينما المصرية

في مثل هذا اليوم، 26 يوليو، تحل الذكرى التاسعة لرحيل المخرج الكبير محمد خان (1942–2016)، أحد أعمدة السينما المصرية الحديثة، وأبرز رموز الواقعية الجديدة التي أعادت الحياة إلى الشاشة الفيلمية في أواخر السبعينيات والثمانينيات.
وُلد خان لأب باكستاني وأم مصرية، ونشأ في منزل مجاور لدار سينما، حيث بدأ شغفه بالفن السابع منذ طفولته. ورغم أن حلمه الأول كان دراسة الهندسة المعمارية، فإن لقاءً عابرًا مع طالب سويسري غيّر مسار حياته، فالتحق بمعهد السينما في لندن وبدأ رحلته مع الصورة والضوء.
لم تكن دراسته الأكاديمية وحدها من شكّلت رؤيته، بل كانت مشاهدته المكثفة لأفلام الموجة الفرنسية الجديدة، والسينما التشيكية، وأعمال المخرجين الكبار مثل أنطونيوني وفيلليني وكيروساوا، إضافة إلى قراءاته النقدية، هي مدرسته الحقيقية، كما وصفها لاحقًا.
بعد سنوات من الترحال والعمل بين القاهرة ولبنان وإنجلترا، عاد إلى مصر عام 1977 ليبدأ مسيرته السينمائية بفيلم “ضربة شمس” (1978)، الذي حقق نجاحًا فنيًا لافتًا، وفتح له باب التعاون مع كبار النجوم، وعلى رأسهم أحمد زكي، الذي شكّل معه ثنائيًا لا يُنسى في أفلام مثل “موعد على العشاء”، “أحلام هند وكاميليا”، “أيام السادات”، وغيرها.

أسس خان مع مجموعة من أصدقائه من المخرجين والكتّاب ما عُرف بـ**“جماعة أفلام الصحبة”**، ومن بينهم عاطف الطيب، داوود عبد السيد، خيري بشارة، وبشير الديك، وكان هدفهم إنتاج أفلام ذات جودة فنية وقيمة إنسانية عالية.
تميزت أفلام خان بالاقتراب من الطبقة المتوسطة والناس العاديين، وبتقديم المرأة في صورة ناضجة، قوية ومليئة بالتفاصيل الإنسانية. من أبرز أعماله:
“زوجة رجل مهم”، “فتاة المصنع”، “بنات وسط البلد”، “في شقة مصر الجديدة”، وهي أفلام شاركته في كتابتها زوجته الكاتبة وسام سليمان.
نال خان الجنسية المصرية بقرار رئاسي عام 2014، في اعتراف متأخر بقيمته الكبيرة في تاريخ السينما الوطنية. كما ورثت ابنته نادين خان شغفه بالإخراج، لتكمل مسيرته الفنية بطريقتها الخاصة.
رحل محمد خان في 26 يوليو 2016، لكن أفلامه بقيت حية، تنبض بالصدق والبساطة والعمق الإنساني، شاهدة على زمن كان فيه السينمائي فنانًا حقيقيًا لا مجرد صانع أفلام.
في ذكرى وفاته، يُستعاد اسمه بكل إجلال، كصوتٍ سينمائيٍ رقيقٍ، لم يهادن يومًا، بل اختار أن يحكي حكايات الناس… تمامًا كما هم.






