(كان ياما كان ….كان فى كورة زمان ).. وداعاً أيام السمسمية

كتب/ د. محمد كامل الباز
من أفضل وأمتع أنواع الحنين هو الحنين للأيام السابقة الخوالي كما يطلق عليها، العودة بآلة الزمن عشرات السنين للخلف حيث كان المجتمع غير المجتمع والناس غير الناس.
تحدثت كثيراً فى عدة مقالات أن الواحد لو أماته الله عشرين أو أكثر قليلاً ثم أحياه اليوم سيصاب بصدمة حضارية إجتماعية ثقافية وأيضاً رياضية، وهو بيت القصيد اليوم،
ترعرعنا وسط الأجواء الكروية والتشجيع فى بلدنا منقسم بين قطبي الكورة الأهلي والزمالك ويأتي ثالث بعدهما دراويش الكورة فريق المدينة الجميلة، الإسماعيلي
نشعر بالشجن لما وصل اليه هذا الفريق العريق، قبل أن تأتي لمجتمع ٢٠٢٥ وقبل أن تنام فوق الخمس وعشرون عاماً كنت ستشاهد فريق من أقوي فرق افريقيا فريق يصعد لنهائى بطولة كأس إفريقيا للأندية أبطال الدوري، فريق يصعد لنهائى الاتحاد الافريقي، فريق ياخذ الكأس عن طريق إزاحة الاهلي بطل الدوري، وأيضاً يهزم الزمالك هنا فى قلب القاهرة !!
هم دراويش الكرة المصرية وأحد أمتع الفرق التي تجيد تأدية الكورة الهجومية الشاملة ( زمان طبعاً) الدروايش لقب اطلقه عليهم شيخ النقاد نجيب المستكاوي رحمه الله، يبدو أن المستكاوي لم يكن يعلم ما ينتظر هذا الفريق العريق من مستقبل مخيف لم يتوقع أي أحد يعمل فى مجال الكورة لاعباً كان أو مدرباً،ناقداً كان أو محللا ما حدث لفرقة رضا للعلوم الكروية بعد أن عشنا نستمتع بالسمسية فى السبعينات والثمانينات والتسعينات إذ بعد ذلك يتغير كل شىء رأسا على عقب، طغت رؤوس الأموال على اللعبة، فقد فى خلال عشرين عاماً هذا النادي العريق ما لايقل عن عشرين لاعباً معظمهم من الدوليين الأساسيين الذين توجهت بوصلتهم بالتأكيد للفريق الأحسن حظا مادياً واقتصادياً وهو الاهلي، بعد أن كان لاعبي الإسماعيلي ينشأوا ويتألقوا داخل أسوار المدينة الباسلة ثم يختتموا حياتهم الكروية وسط فريقهم الذي اظهرهم ولمّع بريقهم
أصبح الإسماعيلي يُخرج الناشئين أو يرسل كشافته للموهوبين ليتم تطويرهم مع هذا الفريق الكبير ولكن لا ليختتم حياته داخل أسوار النادي كما كانت العادة زمان لكن كي ينتقل للأهلي والفرق الأخري،
فى عقدين من الزمان تم تفريغ الدراويش من معظم نجومه، بعد أن كان منتخب شحاته أصله من الإسماعيلي ( عماد النحاس – إسلام الشاطر – محمد بركات – سيد معوض – حسني عبد ربه – احمد فتحي – هاني سعيد ومن بعدهم السولية وشريف عبد الفضيل وغيرهم أصبح معظم هؤلاء تبع النادى الأهلي ومرت السنوات تلو الأخرى لينهار الفريق الأصفر ، كان يا مكان فى الأيام الحلوة زمان ماتش الإسماعيلي في إسماعلية حصة كروية مجانية تقدم للمشاهدين وسط جماهير تتنفس كرة قدم، كنا نشاهد كرنفالات كروية، أيام زمان يا سادة كان هناك المحلة فى المحلة والمصري فى بور سعيد والقناة فى ستاد السويس و الاولمبي والإتحاد فى الإسكندرية وأسوان فى الصعيد حتي انقلب الوضع بعد عشرين عاماً لتُستبدل معظم تلك الفرق العريقة وجماهيرها العريضة بانبي وفاركو بفيوتشر والداخلية، لتصبح المدرجات خاوية، تشعر عندما تشاهد الدورى المصري الأن أنك أمام دورى للشركات، نسبة المشاهدة فيه لا ترتقى لدورة رمضانية، بعد أن كان كل نادي في الدوري له جمهوره الذي يؤازره في مبارياته ونجومه الأساسيين الذين ترتبط بهم الجماهير، تغير هذا الآن ؛
فمثلما كان للدراويش محمد حازم رحمه الله وعماد سليمان وأبو جريشة كان للمحلة خالد عيد و شوقي غريب والمشالي وللإتحاد طارق العشري ومحمد عمر ولا ننسى بوبو ف الأوليمبى و الشاذلى ومصطفى رياض فى الترسانة؛
أصبح هذا مستحيل اليوم حيث بمجرد ظهور نجم أو لاعب موهوب فى تلك الأندية المغلوب على أمرها يكون هناك من يتربص له، يأخذ ويخطف أى مهارة تخرج من تلك الأندية، أصيبت جماهير الكورة بمصيبتين، الأولي هى غياب الجماهير والثانية غياب النجوم التي ترتبط بهم، أيام زمان ليس لها مثيل وحلاوتها ليس لها نظير، الآن اختفت معظم تلك الأندية بل الباقى منها أصبح يعاني من شبح الغياب، فريقنا الذى نتحدث عنه الآن ( الاسماعيلى) أصبح قاب قوسين أو أدني من الهبوط للدرجة الأولى !! تخيل، الإسماعيلي مهدد ألا يكون فى الدورى المصرى، أول فريق مصري يفوز بكأس افريقيا للأبطال بينه وبين الهبوط مسافة قريبة!!
ماذا حدث ولماذا وصل الحال لهذا ؟ أرى أن كانت الكورة صناعة وأصبح الاحتراف لغة لنترك المستثمرين يشتروا تلك الأندية الشعبية وإلا فلنتحمل ما يقال عن مسابقتنا التى توصف بأنها الأضعف على مستوى العالم،
نعم هل يعقل أن تنظم مسابقة يستحوذ عليها نادي واحد أكثر من ٩٠ فى المائة !! بل هذا النادي تخشاه لجنة المسابقات ورابطة الاندية والإتحاد نفسه !!
كيف لمسابقة أن تقام في مثل هذا التخبط؛ اعتقد أن المسؤولين مسئولين عن عكوف الكثير من الشباب الصاعد عن متابعة كورة القدم المحلية،
المعظم الآن إما تفرغ لمتابعة الكورة العالمية أو ترك التشجيع من الاساس؛ لو استمر الوضع هكذا لن تفقد الكورة المصرية الإسماعيلي و الأندية الشعبية فقط بل ستفقد قبل منهم الجمهور الزملكاوي و الأهلاوي على حد سواء، وقتها سنتذكر أيام زمان ونقول للزمان أرجع يا زمان






