كيف احترقت الهُوِيّة الدرامية لـ”الكبير أوي” وتحول إلى مسلسل للأطفال؟!
كتبت / روز توفيق انور
قبل أسابيع من بداية ماراثون مسلسلات شهر رمضان، التهم حريق كبير لوكيشن تصوير مسلسل (الكبير أوي 8)، وبالتحديد موقع التصوير الداخلي لدوار العمدة، حيث يعيش البطل وعائلته، وتدور داخله أغلب الأحداث. الأمر الجيد هو أن الحريق لم يتسبب في إصابة أحد، والأمر السيئ هو احتراق ديكورات تصوير أغلب مشاهد العمل، في مراحل مُبكرة من التصوير؛ فالأحداث تدور في قرية المزاريطة، وهي قرية خيالية تقع في صعيد مصر، ومبنى الدوار الداخلي هو مكان تصوير كثير من مشاهد العمل؛ واحتراقه بالكامل يُعطل العمل، ولكن على طريقة “جوني”، “Guess what”، لم يتأثر المسلسل، واستمر التصوير، وجاري عرض حلقاته بانتظام.
مسلسل الكبير منذ بدايته، يُقدم نوعية كُوميدية مُحددة، تقف تحت مظلة السيت كوم، ويستخدم البارودي لغة للعمل؛ فهو سخر من بعض العادات الصعيدية كما قدمتها الدراما المصرية في السينما والتليفزيون. شخصية “الكبير”، العُمدة الديكتاتور، هي النموذج النمطي للعُمدة الشرير، كما جاء في أعمال درامية مصرية عدّة، ورسم العمل للبطل، العمدة الشاب، ملامح مُعاصرة؛ تبرر افيهاته الحديثة، ووجود توأم الكبير المُتفرنج صنع صراع بين ثقافتي الشقيقين؛ الأول مُتزمت ورجعي، والثاني مُتحرر، وأضاف كاراكتر “حزلقوم”، الشقيق الثالث الكثير من الضحك؛ فهو شخص شديد السذاجة وفاحش الثراء، ويتكلم بصورة مُضحكة.
بالطبع استمرار “جوني” في العيش في المزاريطة حتى الآن، وصُحبته للقروي الساذج هجرس “محمد سلام”، لا يُساير المنطق، ومفهوم بالطبع ضرورة وجوده دراميًا؛ من أجل الحفاظ على التناقض الكاريكاتوري.
مر المسلسل بكثير من الحكايات التي تستلهم عادات وأجواء الصعيد، سواء تستلهم الواقع، أو تقتبس من تراث الدراما الصعيدية، ولكنه بدأ تدريجيًا يُقدم قصص وحكايات لا تعتمد على ثقافة مكان الأحداث، وإن حافظ بالطبع على ملامح الشخصيات نفسها، وأضاف شخصيات جديدة أخرى، مثل نفادي “حاتم صلاح”، وطبازة “عبد الرحمن ظاظا”، والعترة “مصطفى غريب”، ومربوحة “رحمة أحمد”؛ وذلك تعويضًا لغياب شخصيات مثل “دنيا سمير غانم”؛ وقلة ظهور شخصيات فزاع “هشام إسماعيل”، وأشرف “حسين أبو حجاج”، وبدا أن عالم المزاريطة يستمر.
بعد عودته من توقف طويل، وتحديدًا، بداية من الموسم السادس، أصبح المسلسل مولعًا بتقديم اقتباسات ساخرة من الأعمال الأجنبية، وكما نجح “أحمد مكي” في تقديم تتر مسلسل صعيدي بمزج لطيف بين إيقاعات الراب وأنغام الربابة والناي، حاول تقديم نسخة ساخرة من مسلسلات مثل “لُعبة الحبار” “Squid Game”، في الموسم السادس، و”لاكازا دي بابل” “La Casa De Papel”، في الموسم الثامن، وألقى الأبطال عشرات الافيهات التي تستلهم الدراما الأجنبية.
حدث هذا التطور مع حِقْبَة انتشار منصات البث، وانتشار ثقافة مُتابعة الأعمال الأجنبية من مُختلف الثقافات، ووجد المسلسل ضالته؛ فما قدمه في البدايات كافيهات تُبرز تناقض الثقافات أصبح الآن مادة خصبة لنوعية من البارودي؛ الذي يصنع افيهات لن يفهمها سوى مُشاهد مُتابع للأعمال الأجنبية، ولم يهتم السيناريو كثيرًا بربط هذه الأعمال بأفكار وموضوعات من بيئة المزاريطة، وبدت حبكات “لُعبة الحبار” و”لا كازا دي بابل” تسعى لتقديم تريند درامي جذاب؛ يسعى لجمهور السوشيال ميديا ونتفليكس، وهو هدف تُجاري مقبول، وإن أثر تكراره على حكايات المزاريطة الحقيقية، ونوعية الكوميديا التي انطلق منها حَلْقات المسلسل منذ بدايته.