لغة الجسد .. بقلم: روز توفيق
لغة الجسدّ هي العالم الخفي المؤثر على قراراتنا من دون أن نشعر بذلك؛ وهي الدلالات التي يُترجمها العقل للحكم على الآخرين مهما كان الظاهر من كلامهم؛ وربما الأكثر من ذلك، فالحركات الصادرة سواءً باستخدام الأيدي أو تعبيرات الوجه أو الأقدام أو نبرات الصوت أو هز الكتف أو الرأس أو غيرهم؛ ما هي إلا معايير غير ملموسة نستطيع من خلالها معرفة ما لا يريد الشخص الإفصاء عنه.
ووفقًا لدراسة قام بها أحد علماء النفس؛ اكتشف أن 7% فقط من الاتصال يكون بالكلمات و 38% بنبرة الصوت و 55% بلغة الجسد، ولو اختلفت الكلمات ودلالات الجسد فإن الفرد يميل إلى تصديق الدلالات والإيماءات.
يستخدم جميع الناس دلالاد الجسد بشكل إرادي أو لا إرادي؛ إلا أن النساء أكثر إدراكًا من الرجال ومقدرةً على قراءتها. النساء لديهِن قدرة فطرية على التقاط الإشارات غير الشفهية وفك رموزها فضلًا عن تمتعهن بعين دقيقة ترصد التفاصيل الصغيرة.
ولهذا فإن القليل من الرجال لديهم القدرة على الكذب، بينما تستطيع معظم النساء حجب الحقيقة عن الرجال دون أن يدركوا ذلك. وفي هذا الشأن؛ يرى العلماء أن هذه القدرة المُميزة قد تكون نتاجًا لأدوراهن الاجتماعية التي تُشجعهن لكي يكّن حساسات لانفعالات الآخرين، وليعبرن عن مشاعرهن بشكل واضح.
ويُعتقد بأنه بسبب هذه القدرة المُميزة تستطيع معظم النساء التفاوض، خصوصًا في الأمور المادية والاقتصادية بشكل أفضل من الرجال.
من هذا المُنطلق، سنطلعك على بعض الدلالات التي تجعلك قادرة على قراءة لغة جسد الآخرين بدقة وأحترافية، وذلك من خلال خبيرة العلاقات الإنسانية ومدربة الإتيكيت المُعاصر الدكتورة شريهان الدسوقي من القاهرة.
لغة الجسدّ لها وسائلها
أوضحت دكتورة شريهان، أنها الإشارات غير اللفظية التي نستخدمها يومياً لنقل المعلومة دون قولها؛ فهي تُشكل ما بين 50 % إلى 70% من تواصلنا مع الآخرين، لذا فإن فهمها يعدّ أمرًا مُهمًا لتفسير أحاديثنا في المجمل العام. وبناء على ذلك؛ إليك عزيزتي أبرز وسائلها بحسب أولوياتها، لإدراكها وقراءتها بدقة واحترافية.
العين:
تمنحك واحدًا من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدرك بشكل حقيقي على ما يدور في عقل من أمامك، فإذا اتسع بؤبؤ العين وبدا للعيان، فإن ذلك دليل على أنه سمع منك توًا شيئا أسعده، أما إذا ضاق بؤبؤ العين فالعكس هو ما حدث، وإذا ضاقت عيناه أكثر أو فركهما ربما يدل على أنكِ حدثتيه عن شيء لا يُصدّقه. أما إذا حاول تجنب النظر في عيونك، فهذا يدل على أنه فاقد الثقة بنفسه؛ ولكن ليس دائمًا، فأحيانًا تجنب النظر في أعين الناس يدل على الخجل أو أنه يحاول الانسحاب من الحوار الجاري.
الحواجب:
إذا رفع الشخص حاجبًا واحدًا، فإن ذلك يدل على أنكِ قلتِ له شيئًا إما أنه لا يُصدقه أو يراه مستحيلًا، أما رفع كلا الحاجبين فإن ذلك يدل على المفاجأة.
الأصابع:
نقر الشخص بأصابعه على ذراع المقعد أو على المكتب يُشير إلى العصبية أو نفاذ الصبر.
الأنف:
عندما يلمّس الشخص أنفه وهو يتحدث، فهو دليلاً على أنه يكذب في الحديث الذي يقوله.
حركة الذراعين أو القدمين تُعرفك من يُعارضك
يُمكنك معرفة رأي الشخص الذي أمامك حول ما تقوليه من خلال تحليل حركة ذراعيه وساقيه؛ إذ أن تقاطع الذراعين والساقين يعني في العادة أن الشخص المُقابل لكِ، قد وضع حواجز مادية تشير إلى أنه لا يتقبل ما تقوله، وليس منفتحًا على أفكارك. حتى وإن كان هذا الشخص مبتسمًا ويشاركك الحديث باستمتاع، إلا أن حركة جسدّه تُعبر عمّا يشعر به فعليًا دون وعيٍ منه. يُفسر علم النفس هذا الأمر؛ بأن تقاطع اليدين والقدمين هو إشارة إلى أن هذا الشخص مُنفصل عاطفيًا وعقليًا وجسديًا عمّا يوجد أمامه. وهذه الإشارة تظهر بشكل لا واعٍ ممّا يجعلها ظاهرة للعيان على هذا النحو الواضح للغاية.
العيون مرتبطة بالكذب
كثير منّا نشأ على سماع جمل مثل: “انظر إلى عينيّ وأنت تحدّثني!”، فقد اعتمد آباؤنا هذه الطريقة انطلاقًا من اعتقادهم بأنه من الصعب على الشخص التحديق في الطرف الآخر عند الكذب، وهو أمر صحيح إلى حدّ ما، لكنه أصبح معروفًا للغاية لدرجة أن الكثيرين يحافظون على التواصل البصري أثناء الكذب. ومع ذلك، لا يزال بإمكانك الكشف عمّا إذا كان أحدهم يكذب عليكِ أم لا؛ إن كنتِ تتحدّثين مع أحدهم، وكان يحدّق فيكِ بطريقة غريبة تُشعركِ بعدم الارتياح، فذلك يعني على الأغلب أنه يخفي شيئًا ما، خاصّة إن كان لا يرمش إطلاقًا أثناء التحديق إليكِ.
إيماءات الرأس المُبالغ فيها تُشير إلى القلق
لا تعني إيماءة الرأس الموافقة دومًا، فقد يكون هُنالك إلى جانب “الموافقة” مشاعر أخرى تجهلينها، غير أنها تظهر جليّة من خلال لغة الجسد. حينما تطلُبين شيئًا من أحدهم، وتجدين أنه يهزّ رأسه موافقًا بشكل مُبالغ فيه، فاعلمي أنه يشعر بالقلق حيال ما تفكّرين فيه اتجاهه، وربما يحسّ بأنكِ تُشكّكين في قدرته على إتمام هذه المُهمة بنجاح؛ ما يدفعه إلى هزّ رأسه أكثر في مُحاولة لا واعية منه لإقناعك بقدرته على تنفيذ ما طلبته منه بنجاح.
وضعية الجسد تقول الكثير
هل سبق لكِ وأن رأيتي في عملك شخصًا يدخل إلى غرفة ما، وعرفت على الفور بأنه شخص مسؤول؟ إن حدث ذلك؛ فالسبب وراء ذلك يعود إلى لغة الجسد. لقد اعتاد الدماغ على الربط بين قوّة الشخص وبين المساحة التي يحتلّها من حوله.