كرامة العامل المصري ليست مادة للترفيه

في زمن باتت فيه المقاطع المثيرة للجدل أهم من احترام الإنسان، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو صادم أثار موجة غضب واسعة. يظهر فيه عامل مصري مغترب يُدعى علاء، يقف بملابسه المتواضعة أمام أسد ضخم، وسط ضحكات ساخرة وتعليقات مستفزة من مصوّر الفيديو ومن حوله.
الغربة بين الكفاح والإذلال
علاء لم يترك وطنه إلا بحثًا عن لقمة عيش تضمن لأولاده حياة كريمة، لكنه وجد نفسه في لحظة قاسية تحوّل فيها اغترابه من رحلة عمل إلى مشهد إذلال. لم يكن ما جرى مجرد “مزحة عابرة”، بل إساءة مباشرة تجرد الإنسان من كرامته وتحوّله إلى أداة للترفيه.
مشهد مدبر ورسالة قاسية
طريقة تصوير الفيديو تكشف بوضوح أن الأمر كان مرتبًا مسبقًا، بهدف صناعة “محتوى ساخر” على حساب كرامة رجل بسيط. الأسد الذي وُضع في مواجهة علاء لم يكن مجرد حيوان، بل رمزًا للاستقواء؛ قوة المال والسطوة في مواجهة الفقر والغربة.
غضب عارم على مواقع التواصل
انتشار الفيديو أشعل الغضب الشعبي.
أحد المعلقين كتب: “ده مش هزار.. دي إهانة لمصري بيجسد آلاف الغلابة اللي بيتغربوا عشان يعيشوا.”
وقالت أخرى: “الغربة كفاية وجع.. تيجي كمان تتحول لإهانة؟ ده غير مقبول.”
فيما أكد ناشط حقوقي: “الموضوع أكبر من علاء… دي قضية كرامة وطنية. العامل المصري مش مادة للسخرية.”
أبعاد إنسانية وقانونية
القضية طرحت تساؤلات مهمة:
1- هل يحق قانونًا تعريض شخص لخطر حقيقي لمجرد تصوير مشهد مثير؟
2- أين المسؤولية الإنسانية تجاه العمالة الوافدة التي تعيش تحت ضغط الغربة؟
3- ما موقف الدولة المصرية من هذه الانتهاكات التي تطال مواطنيها في الخارج؟
من الناحية الإنسانية، تركت الحادثة جرحًا نفسيًا عميقًا قد يرافق علاء لسنوات، إضافة إلى شعوره بالمهانة أمام كل من شاهد المقطع. أما من الناحية القانونية، فهي تدخل في إطار “التعريض للخطر والإذلال العلني”، بما يخالف المواثيق الدولية لحقوق العمالة المهاجرة.
الكرامة ليست خيارًا
لم يعد الأمر مجرد فيديو عابر، بل تحوّل إلى قضية رمزية تمس كل عامل مصري مغترب. فالكرامة خط أحمر لا يمكن التهاون فيه، ومن يمسها يسيء لوطن بأكمله.
ما المطلوب الآن؟
1. تحرك عاجل من وزارة الهجرة والسفارات المصرية لمتابعة قضية علاء ومحاسبة المسؤولين.
2. تدخل منظمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية لمنع تكرار هذه الممارسات.
3. حملة شعبية لدعم علاء والتأكيد أن المصري لا يُهان داخل وطنه أو خارجه.
في النهاية يبقى السؤال: هل سيمر هذا الفيديو كسائر “التريندات” التي تنطفئ مع الوقت؟ أم يكون نقطة تحول تفرض احترام كرامة كل مصري مغترب يكافح من أجل لقمة عيش تحفظ له ولأسرته حياة كريمة؟






