تأخر الكلام عند الأطفال.. الأسباب والمعاناة بين التشخيص والعلاج

كتبت: دنيا أحمد
يُعد تأخر الكلام عند الأطفال من القضايا التي تثير قلق الوالدين وتدفعهم للبحث عن الأسباب وطرق العلاج. فاللغة أداة التواصل الأولى، وعندما يتأخر الطفل في اكتسابها، تبدأ علامات الاستفهام تدور: هل هذا طبيعي؟ هل يحتاج إلى تدخل متخصص؟ وهل السبب عضوي أم نفسي أم بيئي؟

ما هو تأخر الكلام؟
تأخر الكلام يعني عدم قدرة الطفل على استخدام الكلمات أو الجمل المناسبة لعمره الزمني. في بعض الحالات، يكون الطفل قادرًا على فهم الكلام ولكنه لا يتحدث، وفي حالات أخرى، قد يعاني من صعوبة في الفهم والإنتاج معًا.
متى نعتبر الطفل متأخرًا في الكلام؟
يختلف التطور اللغوي من طفل لآخر، ولكن هناك مؤشرات عامة ينبغي ملاحظتها:
• في عمر سنة: يجب أن ينطق الطفل كلمات بسيطة مثل “بابا” و”ماما”.
• في عمر سنتين: يُفترض أن يكوّن جملًا من كلمتين على الأقل.
• في عمر ثلاث سنوات: يصبح كلامه أوضح، ويستطيع التحدث بجمل أطول.

إذا لم تتحقق هذه المعالم، فقد يُعتبر ذلك تأخرًا في الكلام ويستلزم تقييمًا متخصصًا.
الأسباب المحتملة لتأخر الكلام
1. أسباب عضوية:
• مشاكل في السمع: مثل ضعف السمع أو التهابات الأذن المتكررة.
• اضطرابات عصبية: كشلل الدماغ أو تأخر النمو العقلي.
• مشاكل في عضلات الفم أو اللسان.
2. أسباب بيئية:
• قلة التفاعل اللفظي مع الطفل.
• الاعتماد المفرط على الشاشات (الهاتف، التلفاز، الأجهزة اللوحية).
• بيئة فقيرة لغويًا (لا يتم التحدث كثيرًا مع الطفل أو أمامه).
3. أسباب نفسية:
• التوتر، الخوف، أو الصدمات النفسية.
• الإهمال العاطفي.
• وجود اضطرابات نمائية مثل التوحد.

الطفل وذويه
الطفل المتأخر في الكلام قد يشعر بالإحباط والعزلة بسبب عجزه عن التعبير عن نفسه. هذا قد يؤدي إلى نوبات غضب، أو انسحاب اجتماعي، أو حتى تأخر في مهارات أخرى مثل اللعب والتفاعل.
أما الأهل، فقد يعانون من التوتر والشعور بالذنب، خصوصًا إذا تأخر التشخيص أو لم يجدوا الدعم المناسب.
متى نلجأ إلى أخصائي التخاطب؟
• إذا تجاوز الطفل عمر سنتين دون نطق كلمات واضحة.
• إذا لاحظت ضعفًا في التفاعل البصري أو السمعي.
• إذا كان الطفل لا يستجيب لاسمه أو لا يتبع التعليمات البسيطة.
• إذا لاحظت تراجعًا في المهارات اللغوية بعد أن كان يتقنها.
العلاج والتدخل المبكر
• جلسات التخاطب مع أخصائي نطق ولغة تُعد فعّالة جدًا في معظم الحالات.
• تحفيز البيئة اللغوية في المنزل، بالحديث مع الطفل، والقراءة له، وتشجيعه على التعبير.
• تقليل وقت الشاشة وتشجيع الألعاب التفاعلية.
• العلاج الطبي في حال وجود أسباب عضوية كضعف السمع.
في النهاية، تأخر الكلام عند الأطفال ليس نهاية الطريق، بل بداية رحلة تحتاج إلى صبر وفهم ووعي. المفتاح الحقيقي هو التدخل المبكر والتشخيص السليم، فكلما تم التعامل مع المشكلة مبكرًا، كانت فرص التحسن أسرع وأفضل. على الأهل أن يتذكروا دائمًا أن لكل طفل وتيرته الخاصة، لكنهم بحاجة لليقظة والانتباه لتفادي التأخير في الحصول على الدعم المناسب.






