عاجلمقالات

الوحدة الوطنية .. بقلم/ د ياسر العز

الوحدة الوطنية .. بقلم/ د ياسر العز

الوحدة الوطنية .. بقلم/ د ياسر العز
ياسر العز

مما لا شك فيه أن المعنى الفطري للوحدة الوطنية والذي يحتاج إليه الأفراد والمجتمعات يتمثل في احتياج الأفراد إلى. مبدأ التعايش والسلم الاجتماعي و المساواة في الحقوق والواجبات الخاصة والعامة تحت مظلة الوطن دون النظر للديانة والعقيدة. و هو هذا المعنى الذي أسس الإسلام عليه بناءه في تدبير علاقات الناس بعضهم ببعض وفي تلاحمهم وترابطهم فالله عز وجل يقول

(ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون).           ويقول أيضا (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ). ولتحقيق معنى الوحدة والاعتصام وعدم التفرق والتحزب بنى الإسلام اجتماع الناس على مراعاة الحاجة إلى قائد يسوس الأمة كلها بعد تفويضه وتكليفه بإدارة الأمر والحكم.

الطاعة

ولذلك استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم معنى مفارقة الجماعة في الحديث القائل. ” من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ثم مات مات ميتة جاهلية” فالمراد بالجماعة هنا ما تعاهد وتعارف عليه العرف المجتمعي في مساكنة الناس بعضهم لبعض. في إطار المجتمع ينشأ عنها مدلول المواطنة بما هي انتماء للوطن تترتب عليه حقوق وواجبات تذلل سبل المشاركة المجتمعية بشرط مراعاة القيم المعينة على التنمية بما يجعل المواطنة بناء على ذلك قائمة على انتماء أساسه محبة الوطن الحاملة على الارتقاء به وحب رؤيته فوق سائر الأوطان من غير تعصب مانع من الانفتاح والتعرف على الغير مصداقا لقوله تعالى(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)

فالانتماء الوطني يسمو على مختلف الانتماءات والولاءات الأخرى فالوحدة الوطنية والانتماء الوطني كلاهما لا يتناقض مع التعددية بل يفرضها ويزدهر من خلالها. على أن تجري هذه التعددية بمظاهرها وتفاعلاتها من خلال إطار يحترم سمو الهوية الوطنية على مختلف الهويات واحترام الانتماء الوطني. والولاء للوطن من قبل جميع الأفراد والجماعات على اختلاف ولاءاتهم وانتماءاتهم.

انتماء حضاري و تراكم تاريخي

والوطن ليس مجرد خريطة ترابية فحسب، ولكنه – فوق ذلك- انتماء حضاري وتراكم تاريخي ونظام سياسي ومنظومة متكاملة ومنسجمة. والحفاظ عليه وتنميته – بهذا المعنى- هو حفاظ على الوجود الحضاري وتنمية له.والمواطنة أيضا قائمة على المشاركة المجتمعية التي أساسها ملاحظة. ما تحصل به الكفاية فيما يتقوى به المجتمع فكل إسهام يخدم الوطن وتترتب عليه مصالح دينية أو دنيوية تتعين المشاركة فيه قال تعالى. ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) بملاحظة معنى احتياج المصالح العامة دينية ودنيوية إلى تكاثف الجهود هو الذي لأجله جاء الإسلام بمحاسن التشريعات.

والمواطنة هي أيضا مجموعة قيم منظمة للمواطنين، وهي قيم تسهم في تنمية الوطن أساسها الإخلاص المنافي للانتهازية. والصدق المنافي للغش والخداع والتعاضد المنافي التفرق والتشرذم. ولذلك يقول العلامة ابن عاشور في كتابه ( أصول النظام الاجتماعي في الإسلام ). “لا يكاد ينتظم أمر الاجتماع كمال انتظامه. ولا ترى الأمة عقدها مأمونا من انفصامه ما لم تكن مكارم الأخلاق غالبة على جمهورها وسائدة في معظم تصاريفها وأمورها”

زر الذهاب إلى الأعلى