في ذكرى رحيله.. رفاعة الطهطاوي رائد النهضة ومؤسس طريق “الأصالة والمعاصرة”

كتابة: دنيا أحمد
تحل اليوم ذكرى وفاة المفكر الكبير رفاعة رافع الطهطاوي، الذي وافته المنية في مثل هذا اليوم عام 1873، تاركًا وراءه إرثًا فكريًا وثقافيًا شكّل نواة النهضة الحديثة في مصر والعالم العربي.
ولد الطهطاوي عام 1801 بمدينة طهطا في صعيد مصر، وتلقى علومه الأولى بين علماء الأزهر، ثم التحق بالجيش المصري كإمام وواعظ، قبل أن تبدأ رحلته التاريخية إلى فرنسا سنة 1826 ضمن أولى البعثات التعليمية التي أرسلها محمد علي باشا، وهناك تحول من “إمام بعثة” إلى “رائد للترجمة والمعرفة”، حيث أتقن اللغة الفرنسية وترجم أعمالاً علمية وفكرية مهمة، أشهرها كتابه “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”.
عاد الطهطاوي إلى مصر ليقود مشروعًا طموحًا للنهضة شمل الترجمة، والتعليم، والصحافة، وتطوير مناهج العلم، وأسّس مدرسة الألسن، التي كانت أول مؤسسة تعليمية حديثة باللغة العربية. كما نادى بتعريب العلوم، وأصدر جريدة “الوقائع المصرية” بالعربية، وعمل على نشر الثقافة والوعي من خلال مطبعة بولاق.

ورغم ما واجهه من نفي واضطهاد في عهد عباس باشا، إلا أن الطهطاوي واصل عطائه حتى في منفاه بالسودان، قبل أن يعود من جديد مع ولاية سعيد باشا والخديوي إسماعيل ليستأنف مشروعه الإصلاحي.
كان من أوائل من طرحوا بشكل عملي مفهوم التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، فجمع بين التراث الإسلامي والانفتاح على الحضارة الغربية، دون تفريط أو انبهار.
رحل رفاعة الطهطاوي عام 1873 بعد حياة حافلة بالعطاء، قضاها في خدمة العلم والوطن، وخلف وراءه مؤلفات عظيمة مثل: تخليص الإبريز، المرشد الأمين للبنات والبنين، أنوار توفيق الجليل، تعريب القانون المدني الفرنساوي، وغيرها.
في ذكراه، لا يزال اسمه يُذكر بفخر بوصفه الأب المؤسس للنهضة الفكرية في مصر، ومنارة مضيئة في تاريخ التنوير العربي.






