عاجلمقالات

أمن مصر .. رسالة المصريين

أمن مصر .. رسالة المصريين

أمن مصر .. رسالة المصريين
د/ دعاء نصر

كتبت / دعاء نصر

ذكر السيوطي فى كتابه «حسن المحاضرة فى تاريخ مصر والقاهرة»، انه لما وصل يوسف إلى أبواب مصر بعد أن حملته القافلة السارية وقف عند بابها ودعا ( اللهم إنى غريب .. اللهم حبب مصر إلىّ وحببها لكل غريب )، فمضت دعوة يوسف فلم يدخل غريب إلى مصر إلا أحبها وعشقها …ولا تكون المحبة إلا بالأمان، ثم بالاكرام، حيث عرفت مصر أول قوانين حقوق الإنسان (وقال الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ)، سورة يوسف الآية ( ٢١ ) فلم تعرف مصر العبودية بمفهومها العربي أو الغربي وإنما بمفرداتها الاخلاقية … وعبر تاريخ مصر الممتد إلى أثنى عشر ألف عام، توافد اللاجئون إليها من كل حدب وصوب باحثين فيها عن لقمة عيش كريمة يسبقها ذلك الإحساس العام بالأمن والأمان والطمأنينة بين ربوعها .
لم تعرف مصر عبر تاريخها الطائفية ولا العنصرية ولا التحزب حول قبيلة أو مجموعة عرقية، وإنما كانت دائماً هاضمة للثقافات الوافدة إليها مذيبة للأعراق فى وحدة مصرية كاملة متكاملة كما وصفها الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم بخفة ظله والفاظه البسيطة بان مصر تشبه “قدرة فول” كبيرة مهما تضع فيها من عناصر مغايرة فإنك لن تغرف فى النهاية إلا فولاً .. ولايصنع هذا التمازج إلا الأمان والذي هو في الواقع باعث الحضارة والفكر والثقافة والصناعة والزراعة والتقدم العلمي، هكذا كانت مصر عبر تاريخها ومازالت، وليس لجوء العائلة المقدسة إلى مصر بعد لجوء النبي يوسف وآل يعقوب إليها بقرابة ألف وخمسمائة عام إلا استمراراً لطلب الأمن والأمان فى هذه الارض المباركة .
ومؤخرا رأينا تصديقاً وتحقيقاً لما جزم به التاريخ كونها أرض الأمن والأمان من إنهيار للعديد من دول الجوار تنازعوا ففشلوا وذهبت ريحهم تصديقاً لقول الله سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل ( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )، سورة الأنفال الآية (٤٦)، وليس هذا المقال فى الواقع إلا نداء وتنبيه للاعتصام بهذه الرؤية التاريخية الممتدة عبر تاريخ مصر من ترابط أهلها وتماسكهم ووحدة صفهم ضد كل ما من شانه اثارة الفتنة بينهم وبهم ومن خلالهم . وسنرى في الأيام القادمة من هذا الكثير بين تحريض ومحاولة تأجيج وإستغلال الأوضاع الإقتصادية لوأد تلك الوحدة وذلك الاستقرار الذى جلب ملايين من اللاجئين من دولهم ليحتموا بأرض مصر وجدران مصر من الفتن التى حاقت ببلادهم فحملتهم مصر على أكف الراحة والكرم ومنحتهم ذلك الأمان المفقود فى بلادهم كما منحت الملايين عبر تاريخها .. أجندات ومؤمرات أطاحت بهذه الدول ستحاول هذه المرة مع مصر ولن تيأس لأنها ممولة ومجهزة وقد فعلت ونجحت ولكنها للأسف لا تعرف مصر ولا معدن شعب مصر ولا قيم وأخلاق العقد الإجتماعى الذي ألتزم به المصريون منذ فجر التاريخ . فمحاولة أثارتهم من الجانب الاقتصادي لن تنجح مع شعب يعلم أن الأمن قبل اللقمة وان الاستقرار بديله الدمار والفوضى وإنها أرض محروسة من الله، مؤّمَنة من الفتن عصية على المتآمرين، والوقت وقت الوقوف بجدية وحسم من كل أبناء مصر ضد كل هذه المؤمرات الخارجية لتحيا مصر حصناً للأمن والأمان كما كانت عبر تاريخها وكما ستكون بحماية الله وحفظه لها .

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى