أنواع الذبائح المشروعة والمُحَرَّمة في الشريعة الإسلامية
دكتور/ عبدالباري يوسف القاضي
الذبائح من الأمور المهمة التي تخضع لقواعد محكمة محددة في الشريعة الإسلامية، لأن منها ينبني الجسم وينبت عليها، لذا اهتم الفقهاء – رحمهم الله – ببيان الأحكام المتعلقة بها، وأنواعها المشروعة منها والمُحَرَّمة، وعقدوا لها باباً مستقلاً ضمن كتبهم، وما ذاك إلا لأهميتها وكثرة أحكامها، وأهمية طعام الإنسان والاعتناء بطيّبِه وحليَّته شرعاً.
والذبائح في الشريعة الإسلامية لها مجالات شتى وعديدة سواء في حياتنا اليومية كالذبائح العادية، أو في مناسكنا الدينية كالهَدي والأضاحي والعقيقة.
ويشترط في الذبائح: التذكية الشرعية وتكون إما بالذبح وإما بالنحر، وعليه فاللحوم المذبوحة شرعاً هي الحلال الطيب، لقوله تعالى: (يا أيها النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا في الأرض حَلالاً طيباً) (البقرة : ١٦٨). ولقوله تعالى: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُم وَاشْكُرُوا للَّهِ إِن كُنتُم إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغِ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) (البقرة: ۱۷۲، ۱۷۳).
والذبائح جمع ذبيحة، ويقصد بالذبيحة: ذبح الحيوان أو الطير الذي يؤكل لحمه ذبحاً شرعياً، بحيث يُقْطَع حُلقُومُه الذي هو مَجْرَى تنفُّسِه، ومريئُه الذي هو مَجْرَى طعامه وشرابه.
وقضية “المشروع والمُحَرَّم” من الذبائح واللحوم قضية هامة تخص كافة المسلمين في كل أرجاء المعمورة، وأنواع الذبائح المشروعة والمُحَرَّمة منها هي:
أنواع الذبائح المشروعة:
أحلت الشريعة الإسلامية لحوم بعض الحيوانات لقوله تعالى: (وَالأَنعَامَ خَلَقَهَا لَكُم فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) [النحل: ٥]. كما قال تعالى أيضاً: (أُحِلَّت لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ) [المائدة: ١]، ومن المعروف أن بهيمة الأنعام تشمل: الإبل والبقر والجاموس والضأن والمعز، ويضاف إليها الغزال وبقر الوحش والظباء وإبل الوحش، وكل ذلك حلال بالإجماع. كما أحلت السنة أيضاً الدجاج، ويضاف إليه الرومي والبط والأوز والحمام والأرانب والعصافير وغيرها.
أنواع الذبائح المُحَرَّمة:
جاءت المحرمات مجملة في أربعة محرمات في نص الآية الكريمة: ﴿قُل لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمَاً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَماً مَسفُوحَاً أو لحم خنزير فَإِنْةٌ رجُسٌ أَو فِسقاً أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرْ غَيْرَ بَاعَ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبِّكَ غَفورٌ رَّحِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥].
ثم جاءت المحرمات مرة أخرى مفصلة في عشرة محرمات في قوله تعالى: (حُرَمَت عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنخَنِقَةُ وَالمَوقِوُذةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبع إلا ما ذَكِّيْتُم وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وأن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُم فسق) [المائدة: ٣].
ويلحق بهذه المحرمات ما قطع من الحي لحديث: «مَا قطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ».
ومما يلحق بها أيضاً الحمر الأهلية والبغال لقوله سبحانه: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 8].
وتحريم سباع البهائم والطير لحديث: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْر».