عاجلمقالات

الإتقان نهضة للأوطان .. بقلم: ياسر العز 

الإتقان نهضة للأوطان .. بقلم: ياسر العز 

الإتقان نهضة للأوطان .. بقلم: ياسر العز 
ياسر العز

 

 يحكى أن رجلا وابنه كانا تحت ظل نخلة في بستان فقال الفتى لأبيه : يا أبت انظر إلى نبتة البطيخ تثمر ثمرة كبيرة بينما هذه النخلة على طولها ثمرتها صغيرة. وكان المفروض أو المعقول أن تكون ثمرة البطيخ للنخلة لتتناسب مع حجمها وطولها وتكون ثمرة التمرة لنبتة البطيخ لتتناسب أيضاً مع حجمها وصغرها. فقال الأب: يا بني: لعل لله حكمة في ذلك لا نعرفها. ثم إن الفتى استلقى على ظهره ليستريح واستلقى أبوه إلى جواره. وما إن غفت عين الفتى قليلا حتى سقطت من أعلى النخلة تمرة أصابت وجهه وآلمته وصاح من أثر ذلك. فاستيقظ أبوه فزعا.. ماذا بك يابني؟ قال تمرة من فوق النخلة أصابتني فضحك الوالد ثم قال: يا بني ” إحمد الله أنها لم تكن بطيخة. !! فسبحان الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى .

يعتقد بعض الناس أن الإتقان هو واجب تعبدي فحسب أو فريضة دينية وفقط ! كلا ..بل الإتقان واجب عملي في شتى مناحي الحياة وإن الخمول و الكسل. و التقصير وتعمد الإهمال هو سبيل من سبل الفساد. قال الله تعالى (وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ولا تبغ الفساد في الآرض إِنَّ اللَّهَ لا يحب الْمُفْسِدِينَ)( وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم. وأعوذ بك من العجز والكسل)

سعة الأرزاق

  إن سعة الأرزاق للناس لن تقوم إلا على ساق النشاط ولن تكون نهضة لأمة ما إلا على سواعد الإتقان. والعمل عندنا في الإسلام قيمة كبرى فما بالك بإتقانه وتجويده ( يقول صلى الله عليه وسلم: إن قامت الساعة. وبيد أحدكم فسيلة. فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل).

إن الكسل والتواني والخمول والعجز لن يجلب للإنسان إلا الخيبة والفقر وهو والله في القلوب والهمم. والعزائم لا في الجوارح والأعضاء يقول القائل. (كأن التواني أنكح العجز بنته. وساق لها حين زوجها مهرا فراشاً وطيئاً ثم قال لها اتكئي فإنك لا بد أن تلديننا الفقرا)

والإتقان مطلوب حتى في الأمور التي لا يتوقف عليها نفع أو ضرر. فقد قال صلى الله عليه وسلم للصحابة يوما : (إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ). وقال ( من حفر لأخيه قبرا حتى يجنه فيه أي يستره فيه فكأنما أسكنه إلى يوم القيامة) ( وحضر دفن أحد أصحابه الكرام فقال لهم :سووا وعمقوا لحد أخيكم ). حتى في الدفن. واللحد أمرنا بالإتقان!! مع أن التراب سيغطي كل شئ.. حتى ظن الصحابة أنه سنة لكنه صلى الله عليه وسلم قال لهم : « أما إن هذا لا ينفع الميت ولا يضره. ولكن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن )

ما يحثنا عليه رسولنا الكريم

 إن رسولنا الكريم حثنا حتى على إتقان وإحسان الذبح رأفة. ورحمة بالطير والحيوان فقال:” إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة. وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)

وإن من أفضل وأكرم مجالات الإتقان إتقان العمل وعدم تعطيل مصالح الناس فالموظف الخاص أو العام اذا تسلط. وعقد الامور نكاية أو تكاسلا أو قال لصاحب المصلحة “فوت علينا بكرا”. وبوسعه أن يقضي حاجته فليعلم ان الرسول ﷺ قد دعا عليه بالمشقة في حياته! وهذه والله عقوبة لا يعي خطرها. ولا يدرك أثرها: يقول ﷺ :

اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه. ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به)

إن الله الرقيب يراقب أعمالنا ويطلع علينا في كل شؤوننا فلنعلم أن آجالنا محتومة وأعمارنا محسومة. وأعمالنا مسجلة مكتوبة. وسنحاسب عليها يوم العرض عليه سبحانه قال تعالى في حديثه القدسي ” يا عبادي إنما هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لكم ثم أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا؛ فمن وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ؛ ومن وجد غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ “.. إن كل عملٍ تعمله على أرض الله خيرا كان أو شرا ستشهد عليك به يوم القيامة أمام ربك وربها «قرأ صلّى الله عليه وسلّم سورة الزلزلة إلى أن قال {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بأن ربك أوحى لها } فالتفت للصحابة ثم قال: أتدرونَ ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إن من أخبارِها أن تشهدَ على كلِّ عبدٍ وأمَةٍ بما عملَ على ظهرها؛ فتقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها”.

انهيار مبنى حديث البناء

 إننا كثيرا ما نسمع في زمننا المعاصر عن انهيار مبنى حديث البناء أو عقار أو تصدع جسر أو ( كوبري) قبل تسليمه ترى ما هو السبب في ذلك الانهيار؟ إذا بحثنا لوجدنا أن ذلك سببه إما غياب الضمير أو عدم الإتقان الذي غاب عن المهندس أوالمقاول أو العامل الذي قام بالإنشاء.

لقد ضرب الله تعالى مثالا فريدا في الإنشاء والتعمير ألا وهو إتقان ذي القرنين- في بنائه السد الفاصل بين القوم وبين يأجوج ومأجوج قال تعالى( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً* قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) وكانوا قوما كما يقول المفسرون: لا هم بأنس ولا جن يشبهون البهائم والسباع لهم أشكال غريبة وعجيبة وأنياب تأكل ما يقابلهم من البشر و كل ما له روح ومن الأخضر واليابس من كل ذي زرع وضرع ولهم بطون هائلة إذا تمكنوا من ماء الأرض شربوه وأفرغوا الأرض من مائها.

يتناسلون ويتكاثرون تكاثرا مذهلا حتى أن ابن عباس رضي الله عنه قال عنهم لايموت الفرد منهم حتى يولد له ألف وأكثر من ألف.. أشخاص بهذه الأوصاف لو تركوا يسيحون في الأرض لعاثوا فيها فسادا ولن يبقى في الكون إلا هم ولذا قال الناس لذي القرنين (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ( جعلا وأجرة) عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ( ما أخذ منهم أجرا نهائيا ) ..آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ (القطع الصغيرة المتناثرة )حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ(أي الجبلين) قَالَ انفُخُوا حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ( أي نحاسا مذابا) فَمَا اسْطَاعُوا.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى