الإسكندر الأكبر .. مؤسس مدينة الإسكندرية
كتب: العارف بالله طلعت
تأسست مدينة الإسكندرية على يد الإسكندر الأكبر المقدوني عام 332 قبل الميلاد فبعد دخوله لمصر وجد قرية تدعى راقودة على البحر الأبيض المتوسط مقابلها جزيرة تدعى جزيرة فاروس، فقرر أن يربط بين القرية والجزيرة، ويبني في هذا المكان مدينة تحمل اسمه، وتكون عاصمة للبلاد بدلًا من منف. وقد دفعت الإسكندر لهذا القرار أغراض استراتيجية منها: أنه أراد أن تكون الإسكندرية مركز للحضارة الهيلينستية في المناطق التي تحيط بها، وأن يساعد موقعها الجيش المقدوني في غزواته عبر البحر الأبيض المتوسط ولتكون مركزاً للتجارة في هذه المنطقة. ولقد كان للإسكندر ما أراد. وبعد وفاته بدأ العصر البطليمي بتولي بطليموس الأول الحكم، فأخذت الإسكندرية تتطور وتزداد أهميتها. أهتم بها البطالمة كثيرًا لاسيما في عصور الرخاء (من عهد بطليموس الأول حتى عهد بطليموس الثالث) ويعود الفضل لهم في تشييد العديد من الآثار التاريخية مثل منارة الإسكندرية التي تعد إحدى عجائب العالم القديم، ومكتبة الإسكندرية التي حملت كتبًا عديدة بلغات مختلفة منها اليونانية والهندية والفينيفية وكانت أول مكتبة حكومية في العهد القديم -والتي دمرت بعد دخول الرومان-. وبعد انهيار دولة البطالمة عام 30 ق.م على يد اكتافيوس الذي هزم انطونيوس وكليوباترا عام 31 ق.م في معركة اكتيوم البحرية استمرت الإسكندرية تحت حكم الرومان في أخذ أهمية كبرى. كانت الإسكندرية لها أدوارها القديمة لكن هذه الأدوار ازدادت مع الوقت خصوصا مع دخول المسيحية على يد القديس مرقس الرسول سنه 45 ميلادية وأستشهد في نفس المدينة سنة 68 ميلادية، فيكفي تشييد مدرسة الإسكندرية التي كانت مصدر علم كبير في فترة ما بعد إعلان قسطنطين الشهير وكان لها دور رئيسي في التنمية العلمية للمسيحيين. فكانت بها أشهر مدرسة فلسفية ظهرت في العصر الهلينستي وهي مدرسة الأفلاطونية المحدثة، كما كان بها مدرسة الإسكندرية اللاهوتية التي شكلت معالم الفكر واللاهوت المسيحي في العالم. وبعد الفتح الإسلامي ظلت الإسكندرية قلعة علمية فقد أصبحت المركز العلمي الذي يتلقى فيه علماء المغرب والأندلس علومهم الدينية قبل عودتهم لبلادهم، كما أصبح للإسكندرية مدرسة في الحديث النبوي توارثها أجيال من العلماء، كما اشتهرت بأقطاب الصوفية الذين اتخذوا من المدينة سكنًا لهم. هكذا تواصل الدور الحضاري لمدينة الإسكندرية التي انكمشت في العصر العثماني ولم تعاود الازدهار إلا في عصر محمد علي في النصف الأول من القرن التاسع عشر لتكتسب طابعها العالمي كمدينة تستوعب حضارات العالم أجمع. هذه كانت نبذة عن تاريخ الإسكندرية.