الدوحة الثالثة والعشرون ” الصيام و اليسر ” بقلم : د. ياسر أحمد العز
الشريعة الإسلامية قائمة على التيسير ورفع الحرج عن الناس، فلم تأمرهم إلا بما هو في استطاعتهم ومقدرتهم. قال تعالى : “لَا يُكَلف اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” وإذا وقع الحرج. فإنه مرفوع بأحكام الشريعة المبنية على التيسير. قال تعالى : “مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِن حَرَجٍ” .وقاعدة الشريعة الكلية : أن المشقة تجلب التيسير. والقواعد الأخرى تدل على هذا المعنى وتأكده كقاعدة : لا واجب مع عجز ولا محرم مع ضرورة.
و إن من يسر الله لأهل الأعذار في شهر رمضان أن أسقط عنهم الصيام رحمة منه ورخصة. وهدية وقد ذكر الفقهاء بعضا من أصحاب الأعذار الذين يسقط عنهم الصيام فمنهم المسافر. قال تعالى : وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ”. و كما يبين الله سبحانه وتعالى أنه يسر على المسافر في الصوم بأن أباح له الإفطار. على أن يقضي ما أفطره بعد رمضان. روي مسلم: عن حمزة بن عمرو الاسلمي رضي الله عنه انه قال يا رسول الله اجد بي قوة علي الصيام في السفر فهل علي جناح.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم وهي رخصهمن الله فمن أخذ بها فحسن ومن احب ان يصوم فلا جناح عليه. والمريض اباح الشرع له الإفطار. قال ابن قدامة : ” أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة.
وأما ضابط المرض المبيح للفطر: فهو الضرر فلا بد أن يتضرر بالصوم. بأن يكون سببا في زيادة مرضه أو ألمه أو تأخر برئه و العجز مبيح للفطر في رمضان.
وهو ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: عجز دائم ككبر سن أو مرض لا يرجى زواله، فحكمه أنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكين .لدليل ما صح عَن ِابْنِ عَبَّاسٍ– رضي الله عنهما- في قوله تعالى. (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) قَالَ “كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ” .
أما القسم الثاني: العجز الطارئ المؤقت الذي يمكن ان يزول كالمريض الذي يرجي برئه فهو عاجز حال مرضه فهذا لا ينافي القدرة علي الصيام فهو قادر علي الصيام لكن يخفف عنه فلا يلزمه الصوم ويجب عليه القضاء إذا زال عذره.
لقول الله عز و جل: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} و هذا يسمى في الشرع العذر المؤقّت . والحائض والنفساء. تفطران في رمضان وجوباً ويحرم عليها الصوم ولو نزل عليها الدم قبل الغروب بدقائق. فإن صامت لم يصح منها لحديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: (أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم؟ ذلك من نقصان دينها) .ويجب عليهما القضاء؛ لقول عائشة رضي الله عنها: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم. ولا نؤمر بقضاء الصلاة و الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسهما أو ولدهما بسبب الصوم جاز لها الفطر. لما رواه أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم، وعن الحبلى والمرضع الصوم)