الدوحة الرابعة..( رمضان.. والدعاء ) بقلم: د. ياسر أحمد العز
إن شأن الدعاء عظيم. و نفعه عميم، و مكانته عالية في الدين، فما استجلبت النعم بمثله ولا استدفعت النقم إلا به، ذلك أنه يتضمن توحيد الله. وإفراده بالعبادة دون سواه. وإن شهر رمضان فرصة سانحة. ومناسبة كريمة مباركة يتقرب فيها العبد إلى ربه بسائر القربات. وعلى رأسها الدعاء؛ ذلكم أن مواطن الدعاء. ومظان الإجابة تكثر في هذا الشهر الفضيل؛ فلا غرو أن يكثر المسلمون فيه من الدعاء لربهم في رجاء ما يأملون ودفع ما يكرهون.
ولعل هذا هو السر فى أن آية الدعاء جاءت بين آيات الصيام، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [ فهذه الآية متوسطة لآيات الصيام؛ لتبين حقيقة ألاوهي: أن المسلم في هذا الشهر الكريم ينبغي أن يلح في الدعاء على ربه؛ منتهزا شرف الزمان. وشرف العبادة التى يؤديها. وهذا هو الذى حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول (للصائم عند فطره دعوة لا ترد) أي: أنها من الدعوات التى يستجيبها الله عزوجل. وعن هلال بن يساف قال: بلغني أن العبد المسلم إذا دعا ربه فلم يستجب له كتبت له حسنة. وعن حبيب أبى محمد قال: الدعاء هو الترياق المجرب. وَعن محمد بن حامد قال: قلت لأبي بكر الوراق: علمني شيئا يقربني إلى الله تعالى ويقربني من الناس، فقال: أما الذي يقربك إلى الله فمسألته.
الإلحاح على الله
وأما الذي يقربك من الناس فترك مسألتهم وعن الأوزاعي قال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله عز وجل عن حذيفة قال: ليأتينَّ على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريِق. وعن ابن عيينة قال: لا تتركوا الدعاء. ولا يمنعكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله لإبليس وهو شر الخلق، قال: {قال أنظرنى إلى يوم يبعثدون * قال إِنك من ٱلمنظرين}. والدعاء أكرم شيء على الله، قال صلى الله عليه وسلم: (ليس شيء أكرم على الله _عز وجل_ من الدعاء). وَالدعاء سبب لدفع غضب الله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يسألِ اللهَ يَغْضَبْ عليه). والدعاء سبب لدفع البلاء قبل نزوله. ورفعه بعد نزوله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يغنى حذرٌ من قدرٍ. وأن الدعاءَ ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاء ليلقى البلاءَ يعتلجان أي: يتصارعان، يتدافعان. إلى يوم القيامة). والدعاء هو باب الله المفتوح الذى لايغلق. وهو كرمه المبذول الذى لا ينفذ. وهو كنزه الثمين الذى لا ينضب ولا يفنى فمن لزم الدعاء فلن يدركه الشقاء أبدا، قال الله تعالى حكاية عن زكريَّا عليه السلام: { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً}. وقال عن خليله إبراهيم: {واعتزلكم وما تدعون من دون الله. وأدعو ربى عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبّى شَقِيّا}