أفلام ومسلسلاتعاجل

«الست».. من موجة الجدل إلى الإشادة 

«الست».. من موجة الجدل إلى الإشادة 

«الست».. من موجة الجدل إلى الإشادة 
منى زكي

كتبت / مادونا عادل عدلي

تقدم دور العرض السينمائية بمصر اليوم العرض التجارى لفيلم «الست»، بطولة منى زكى، وذلك بعد موجة من الجدل والتفاعل على منصات التواصل الاجتماعى فى مصر والعالم العربى، منذ الإعلان عن تقديم «منى» لشخصية كوكب الشرق أم كلثوم قبل عامين، ومع طرح الإعلان الترويجى لفيلم «الست»، خلال الأيام الماضية، أثيرت موجة واسعة من الجدل

حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومتحفظ ومهاجم، وبإقامة عرضين للفيلم للفنانين والصحفيين، بعد انطلاق رحلة «الست» وعرضه العالمى الأول فى مهرجان مراكش بالمغرب، حيث توالت الإشادات بالعمل وتقديمه لأم كلثوم كإنسانة وليس كفنانة فقط بعد نصف قرن من رحيلها، مع بعض الملاحظات حول ماكياج منى زكى وملامحها الشكلية وهيئتها غير المتطابقة مع سيدة الغناء العربى.

ويأتى فيلم «الست» ضمن الأعمال السينمائية التى تنتمى إلى السيرة الذاتية، إذ يستعرض المسيرة الفنية والإنسانية لأسطورة الغناء العربى أم كلثوم، كاشفًا تفاصيل رحلتها الاستثنائية من قرية طماى الزهايرة بمركز السنبلاوين فى الدقهلية إلى قلب القاهرة، حيث صنعت مجدًا فنيًا لا يزال حاضرًا فى الذاكرة العربية حتى اليوم.

وتباينت ردود الفعل بشكل لافت على الفيلم؛ ففى الوقت الذى رحّب فيه البعض بالعمل واعتبره محاولة جريئة لإعادة تقديم سيرة واحدة من أعظم أيقونات الفن العربى للأجيال الجديدة، رأى آخرون أن الاقتراب من رمز بحجم أم كلثوم يمثل مخاطرة فنية كبيرة، قد لا تنجح فى ملامسة صورتها الراسخة فى الوجدان الجمعى.

وتركز جانب من الانتقادات على الشكل والشبه الخارجى، حيث عبّر عدد من المتابعين، عبر منصات التواصل الاجتماعى، عن عدم اقتناعهم بتقارب الملامح بين منى زكى وكوكب الشرق، معتبرين أن الشكل عنصر أساسى فى تجسيد شخصية أيقونية بهذا الثقل، بجانب الاحتياج إلى تقارب الملامح فى أعمال السير الذاتية، كما امتدت الملاحظات إلى الحضور الفنى والوقار المسرحى، إذ رأى بعض المنتقدين أن التريللر التشويقى للفيلم لم ينجح فى التقاط هيبة أم كلثوم ووقارها على خشبة المسرح، وذهبوا إلى وصف الأداء فى بعض اللحظات بأنه بدا مبالغًا فيه أو مفتعلًا مقارنة بالصورة الذهنية الراسخة لدى جمهورها.

غير أن مسار الجدل تبدل بعد العرض العالمى الأول للفيلم ضمن فعاليات مهرجان مراكش السينمائى الدولى، حيث خطف «الست» الأضواء وسط أجواء مفعمة بالترقب والاحتفاء، ولم يكن العرض مجرد محطة عابرة، بل لحظة فنية مؤثرة تركت صدى واسعًا لدى الحاضرين، الذين استقبلوا العمل بتصفيق متواصل تجاوز ١٠ دقائق.

وعقب ذلك، أُقيم للفيلم عرضان متتاليان، الأول بحضور عدد من أصدقاء وزملاء منى زكى من نجوم الفن، وأسرة كوكب الشرق، والثانى بحضور أسرة الفيلم، إلى جانب نخبة من نجوم وصُنّاع السينما والصحفيين والنقاد، استعدادًا لانطلاقه رسميًا فى دور العرض، اليوم الأربعاء، ليكون الفيلم فى اختبار حقيقى أمام «حكم الجمهور».

وأشاد المخرج خيرى بشارة بالفيلم عقب مشاهدته، واصفًا إياه بأنه «عمل شجاع» يخترق ويلامس مناطق جديدة ومثيرة فى حياة أم كلثوم، مؤكدًا أن الفيلم يأسر المشاهد وكأنه حلم يفيض بالدموع والفكاهة.

وأوضح «بشارة» أن منى زكى تمتلك خطوات رشيقة وجاذبية بصرية وأداءً مذهلًا، ونجحت فى تقديم روح الشخصية بسحر خاص، سواء فى نبرة صوتها أو تعبيرات عينيها.

كما حرص خيرى بشارة على الإشادة بصُنّاع الفيلم خلف الكاميرا، مؤكدًا أن العمل يقف وراءه فريق محترف، بقيادة المخرج مروان حامد.

بدوره، علّق المخرج خالد جلال على الفيلم بعد الانتهاء من مشاهدته، موجّهًا نصيحة للجمهور بمشاهدته وهم مطمئنون.

وقال جلال إنه شاهد الفيلم فى عرض خاص لأعضاء «منتخب مصر الفنى»، مؤكدًا أن نجوم العمل لم يخذلوه، وأنه خرج سعيدًا بتجربة مشاهدة مميزة.

وشددًا على أن منى زكى جاءت مبهرة ومتألقة ومؤثرة فى الأرواح والقلوب كعادتها، ومشيدًا بجميع عناصر العمل.

وشهدت العروض حضور عدد من أفراد أسرة أم كلثوم، الذين حرصوا على الإشادة بالفيلم، إذ قالت دينا الدسوقى إن العمل «تحفة فنية وجميل جدًا»، وقدّمت التحية لكل من شارك فيه من ممثلين وصُنّاع، مؤكدة أنه يخلّد ذكرى كوكب الشرق. وأيّدت نادين الدسوقى هذا الرأى، مهنئة أسرة الفيلم وواصفة إياه بـ«العمل الرائع»، فيما عبرت نيرمين الدسوقى عن سعادتها الكبيرة وتأثرها الشديد أثناء المشاهدة، بينما توقفت شيرين الدسوقى عند الأداء التمثيلى، واصفة إياه بأنه «خطير»، عقب إشادتها العامة بالفيلم.

ويستهل فيلم «الست»، الذى يمتد زمن عرضه لنحو ساعتين و٣٥ دقيقة، أحداثه بمشهد مؤثر للفنانة منى زكى، التى تجسد سيرة كوكب الشرق أم كلثوم، خلال استعدادها للغناء على مسرح «الأولمبيا» بباريس عام ١٩٦٧، وسط هتافات المعجبين من مختلف أنحاء العالم.، وبينما تتهيأ للصعود إلى المسرح، يقتحم شاب معجب الحفل محاولًا تقبيل قدميها، ما يؤدى إلى سقوطها، لتبدأ بعدها رحلة الفيلم فى العودة إلى البدايات القاسية التى شكّلت ملامح أسطورة الغناء العربى.

ويرصد العمل التحديات الأولى التى واجهتها أم كلثوم فى طفولتها، حين اضطرت لارتداء ملابس الصبيان والغناء مع والدها فى القرى والموالد، قبل أن يبدأ نجمها فى الصعود مع الغناء منفردة دون فرقة موسيقية، ثم تعرّفها على الشاعر أحمد رامى، الذى تأثر بصوتها بعدما أدت قصيدته الشهيرة «الصبّ تفضحه عيونه»، لتبدأ واحدة من أبرز الشراكات الفنية فى تاريخ الأغنية العربية.

كما يتناول الفيلم محطة التعارف مع الملحن الكبير محمد القصبجى، الذى أسهم فى صقل موهبتها فنيًا، وقادها نحو تأسيس فرقتها الموسيقية الخاصة، لتصبح صاحبة تخت موسيقى مستقل، وهو ما شكّل نقلة فارقة فى مسيرتها الفنية.

ولم يكتفِ الفيلم بتقديم أم كلثوم الفنانة، بل ركّز بشكل واضح على أم كلثوم الإنسانة، مسلطًا الضوء على دورها الوطنى خلال الفترات العصيبة، لا سيما عقب نكسة يونيو ١٩٦٧، حين رفعت شعار «الفن من أجل المجهود الحربى»، وقدّمت حفلات داخل مصر وخارجها، تبرعت بكامل عائدها، إلى جانب مجوهراتها ومبالغ مالية ضخمة، دعمًا للجيش المصرى ورفعًا للروح المعنوية، دون أن تتقاضى أى مقابل مادى.

كما أبرز الفيلم جانبها الإنسانى والاجتماعى، من خلال تأسيسها «دار أم كلثوم للخير» لدعم الفقراء والمحتاجين، تأكيدًا على التزامها المجتمعى إلى جانب عطائها الفنى.

وتوقف العمل عند المحطات العاطفية المؤثرة فى حياتها، خصوصًا قصة حبها مع شريف باشا صبرى، خال الملك فاروق، والتى انتهت بقرار فرضته الملكة نازلى، كذلك يتناول الفيلم المرحلة التى أعقبت سقوط النظام الملكى وإعلان الجمهورية، حين تعرّضت أم كلثوم لأزمة حادة بسبب اتهامها بالانتماء للنظام السابق، ما أدى إلى وقف إذاعة أغانيها وعزلها من منصب نقيب الموسيقيين، وهو المنصب الذى شغلته بعد تأسيسها أول نقابة للموسيقيين عام ١٩٤٣، واستمرت فيه لعشر سنوات.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى