العارف بالله طلعت يكتب : تكرار الحج
أن فريضة الحج التي فرضها الله سبحانه وتعالى على القادر مرة واحدة في العمر تحولت الآن إلى فريضة سنوية للقادرين كوسيلة للوجاهة والتميز الاجتماعي وتحولت إلى لدى البعض الى رحلة سنويا ويجب أن يكون عند المسلمين وعي في ترتيب أولويات إنفاقهم واكتفاء الناس في الدنيا أحب إلى الله من وفود بعض القادرين إلى حرمه الشريف ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” الحج مرة فمن زاد فهو تطوع ” رواه أبوداود و الحاكم . وعليه فليس هناك ما يمنع من تكرار الحج على سبيل التطوع غير أن بعض الفقهاء يرى أنه يستحب تكراره كل خمسة أعوام لقوله صلى الله عليه وسلم : فيما يرويه عن ربه عز و جل : ” إن عبدا صحـحت له جـسمه ووسعت عليه فى المـعيـشـة يـمـضى عليه خمسة أعوام لا يفد إلى لمحروم ” رواه بن حبان و البيهقى..
وان أثرياء المجتمع الذين ينفقون آلاف الجنيهات في تكرار الحج والعمرة فى حين أن هناك أناسا يحتاجون إلى قوت يومهم فلا يجدونه وليكن لنا أسوة فى رسول الله؟ فهو حج مرة واحدة
.وأن الحج والعمرة لاشك بهما متعة روحية ولكن يجب تعديل الشعور بالمتعة من شخصية الى عامة بالتبرع لأوجه الخير وإسعاد الفقراء.. وإذا نظرنا إلى ظروف مجتمعنا نجد أنه يعاني من نقص شديد في كثير من الأمور فهناك المريض الذي يحتاج للدواء والشاب الذي لا يجد عملا والطالب الذي لا يجد سكنا أو كتبا أو مراجع كل هذه الأمور تجعلنا نقف ونطالب الأغنياء بألا يكرروا الحج والعمرة ويتوجهوا إلى فعل الخير فهذا أفضل للجميع وبناء للمجتمع وأفضل عند الله. وان الشعور بالمتعة الحقيقية يأتي باطعام الجائع ومداواة المرضي وايواء المشردين ومساعدة الضعفاء وتوجيه اموالهم لإنقاذ الفقراء الذين يتألمون ويجدون صعوبة شديدة في لقمة العيش وفي نفقات التعليم وفي العلاج. والإسهام فى الأعمال والمشاريع الخيرية وعلينا أن نربي أبناءنا منذ الصغر على القيام بواجب التكافل الاجتماعي وعلى رعاية الفقراء والمحتاجين..
ويجب ان نذكر قصة الرجل الصالح الذي كان فى طريقه إلى العمرة فوجد أرملة معها أطفال صغار لا يجدون أى طعام فتبرع لهم بمال العمرة وفضل أن يكفل أسرة وينتشلها من الجوع والفقر والبؤس على أداء العمرة وعاد للمنزل ففوجئ بأن المعتمرين الذين عادوا من العمرة فى ذلك العام يقولون له رأيناك تعتمر معنا هناك وكأن الله قد أوكل له ملاكا يحج عنه ليأخذ هو الأجر… وبما رواه عن أبي نصر التمار أن رجلا جاء يودع بشر بن الحارث وقال: قد عزمت على الحج فتأمرني بشيء؟ فقال له كم أعددت للنفقة ؟ فقال: ألفي درهم قال بشر: فأي شيء تبتغي بحجك؟ تزهدا أو اشتياقًا إلى البيت أو ابتغاء مرضاة الله؟ قال: ابتغاء مرضاة الله قال: فإن أصبت مرضاة الله تعالى وأنت في منزلك وتنفق ألفي درهم وتكون على يقين من مرضاة الله تعالى أتفعل ذلك؟ قال: نعم قال اذهب فأعطها عشرة أنفس مدين يقضي دينه وفقير يرم شعثه ومعيل يغني عياله ومربي يتيم يفرحه وإن قوي قلبك تعطيها واحدا فافعل فإن إدخالك السرور على قلب المسلم وإغاثة اللهفان وكشف الضر وإعانة الضعيف أفضل من مائة حجة بعد حجة الإسلام قم فأخرجها كما أمرناك وإلا فقل لنا ما في قلبك؟ فقال: يا أبا نصر سفري أقوى في قلبي فتبسم بشر – رحمه الله – وأقبل عليه وقال له: المال إذا جمع من وسخ التجارات والشبهات اقتضت النفس أن تقضي به وطرا فأظهرت الأعمال الصالحات وقد آلى الله تعالى على نفسه أن لا يقبل إلا عمل المتقين”…
.