العنف الأسري يهز أركان الأسرة ويؤثر علي الفرد والمجتمع
كتبت: فرحة الباروكي
يعرّف العُنْف لغة على أنه الشدة والقسوة، ويعرّف العنف الأسري يسمى أيضا العنف المنزلي اصطلاحًا بأنه الإساءة المتعمدة بين أشخاص تربطهم علاقات ضمن حدود العائلة الواحدة أو يؤدون وظيفة الأسرة، كعنف الزوج ضد زوجته، وعنف الزوجة ضد زوجها، وعنف أحد الوالدين أو كليهما تجاه الأولاد، أو عنف الأولاد تجاه والديهم، أو العنف بين الأشقاء، أو عنف الحموات والكنائن، وعادة ما يكون المُعنِّف هو الطرف الأقوى الذي يمارس العنف ضد المُعنَّف الذي يمثل الطرف الأضعف، وقد تبين من جميع الدراسات التي أُجريت أن الزوجة هي الضحية الأولى للعنف الأسري، ويأتي بعدها في الترتيب الأبناء والبنات والمسنون، وتبين أنه بنسبة 99% تقريبًا يكون مصدر العنف الأسري رجلًا، كما ذكرت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للمرأة على مستوى العالم، أن التقديرات تشير إلى أن 35% من النساء في جميع أنحاء العالم قد تعرضن لأحد أشكال العنف الأسري في مرحلة ما من حياتهن.
ويمكن للعنف الأسري أن يكون عنفًا جسديًا أو نفسيًا أو جنسيًا أو اقتصاديًا، وتختلف طبيعة هذا العنف، فيمكن أن يكون عنفًا لفظيًا كالإساءة بالكلام أو التهديد بالعنف، أو الإهمال، أو سلب الحقوق من أصحابها، أو الحرمان الاقتصادي، أو أن يصل إلى العنف الجسدي مثل الضرب والاغتصاب وجرائم الشرف.
ويعتبر العنف الأسري من أكثر الجرائم التي لا يتم التبليغ عنها من قبل النساء أو الرجال، على مستوى العالم، لاعتقاد كثير من الناس أن العنف الأسري مقبول به ومبرر، ويندرج تحت مفهوم “المشاكل الأسرية”.
ما دوافع العنف الأسري؟
الدوافع الاجتماعية: تتمثل في العادات والتقاليد التي يرثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وتكون أحيانًا مرتكزة على الفهم الخاطئ للدين، والتي تركز على قيادة الرجل لأسرته بالعنف والقوة، ومن هذه المعتقدات أن للرجل الحق في السيطرة على شريكة حياته، وأنه من الواجب إعطاء رب الأسرة قدرًا عاليًا من الهيبة، والاعتقاد بأن مقدار رجولته يتمثل في مقدار قدرته على السيطرة على عائلته وإرهابها، بينما تقل هذه الدوافع كلما زادت نسبة الثقافة والوعي في المجتمع، إلا أن بعض الأفراد لا يؤمنون بهذه التقاليد، لكن الضغط الاجتماعي من حولهم يدفعهم إلى تعنيف عائلاتهم.
الدوافع الاقتصادية: تدفع ظروف المعيشة الصعبة والضغط النفسي الناتج عن فقدان الوظيفة، أو تراكم الديون، أو اللجوء للرهن، إلى ممارسة الفرد العنف تجاه أفراد أسرته، وذلك نتيجة مشاعر الإحباط والخيبة والتوتر بسبب حالة الفقر التي يعيشها.
الدوافع الذاتية والنفسية: تعرّف الدوافع الذاتية بأنها الدوافع التي تنبع من داخل الإنسان وتدفعه نحو ممارسة العنف، نتيجة سوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة في تعاملها، ويُمكن تلخيص هذه الدوافع في صعوبة التحكّم بالغضب، وتدنّي احترام الذات، والشعور بالنقص، واضطرابات الشخصية، وتعاطي الكحول والمخدرات.
اضطراب العلاقة بين الزوجين نتيجة عدم الانسجام بينهما في مختلف جوانب الحياة التربوية والتعليمية والاجتماعية والفكرية والبيئية، ما يؤدي إلى غياب ثقافة الحوار والتشاور داخل الأسرة، مع ضعف الوازع الديني والأخلاقي.
ما أنواع العنف الأسري؟
1- العنف الجسدي: يعرّف بأنه أي إيذاء يترتب عليه ألم جسدي أو إصابة جسدية لأحد أفراد الأسرة، فالعنف الجسدي يتحقق بتوفر شرطين:
الشرط الأول، أن يفعل الفرد أو يمتنع عن فعل أمر معين ينتج عنه أذى بدني.
الشرط الثاني، أن يكون هذا الفعل عن سبق إصرار في إحداث الأذى الجسدي.
ولا يشترط أن يحدث الشرطان في وقت واحد، فقد تفصل بينهما فترة زمنية، كحالة إهمال الآباء والأمهات لمتابعة أطفالهم، ما يلحق بهم الضرر الجسدي.
كما أنه لا يُنظر إلى دوافع العنف الجسدي كتبرير لفعل العنف سواء كانت بدافع التأديب، أو التربية، أو الانتقام، أو السيطرة على الضحية، أو الحصول على المال.
تختلف الأدوات المستخدمة لإحداث الضرر الجسدي، فمنها ما هو بسيط كشد الشعر أو الصفع أو الدفع أو الركل أو الخنق، ومنها ما هو شديد كاستخدام الآلات الحادة أو الأسلحة، كما يعتبر المنع من تناول الأدوية، والحرمان من النوم، والإجبار على تناول الأدوية والكحوليات قسريًا أنواعًا أخرى من العنف الجسدي، كذلك فإن قيادة السيارة في أثناء وجود الشريك بطريقة متهوّرة هي من علامات العنف الجسدي.
2- العنف النفسي: يعتبر العنف النفسي من أكثر أنواع العنف انتشارًا في المجتمع، إلا أنه من أصعب الأنواع في القدرة على تمييزه أو معرفة مدى أثره، وذلك لعدم وجود آثار مادية ظاهرة على الضحية.
ومن أشكال العنف النفسي، التعرض لألفاظ مؤذية تسبب احتقارًا لنفس الضحية، كالسب، والشتم، والقذف، أو منع أحد أفراد الأسرة من مخالطة أقاربه أو أصدقائه، كمنع الزوجة من زيارة أهلها مثلًا، أو التصرف مع الشريك بغيرة أو بشكل تملكي والمراقبة المستمرة لتحركاته، والإصرار على معرفة أين يقضي وقته ومع من يتحدث بالهاتف، والعبث بهاتف الشريك باستمرار، وفحص الصور، والرسائل، والمكالمات الصادرة والواردة، أو اتهامه بشكل متكرر بأنه غير مخلص، أو إتلاف الممتلكات الخاصة للطرف الآخر عند الغضب، أو التحكم بالمظهر الخارجي للشريك كاختيار الملابس ووضع مساحيق التجميل، أو التكبر على أحد أفراد الأسرة، أو إشعاره بأنه شخص غير مرغوب فيه، أو تجاهله والانتقاص من دوره وعدم الأخذ برأيه في أمور تخص الأسرة.