” الكحيت ” فى جيبه أونصة ذهب !! .. بقلم : حمدى رزق
استعدت من ذاكرة الأيام الخوالي كاريكاتور “الكحيت وعزيز بك الأليت”، ثنائي طيب الذكر الجميل، “مصطفي حسين” مع حالة عبثية تلبست نفر من خلق الله المفلسين ، فصاروا يبغبغون كالببغاوات بأسعار الذهب فى البورصات العالمية..
شخصية “عزيز بك الأليت” الرجل الأنيق فاحش الثراء الذي يشتكي من منغصات حياتية دائمًا كتأخر سفن السيجار الكوبي فى المحيط، والكافيار الروسي فى البحر الأسود، ونقص ” الفواجرا ” فى ميناء مارسيليا، والشيكولاته السويسرية على الحدود، فضلا عن الساعات الرولكس.. وكله بسبب الحرب الأوكرانية..
و شخصية ” الكحيت ” المواطن الفقير الذي يرتدي ملابس رثة، مرقعة، ورابطة عنق ممزقة، وشبشب بلاستك بصباع، ويقرأ أخبار الأزمة الاقتصادية فى شاشة تليفون محمول مشحون ب “فليكسات”، ويتفشخر بما لا يملكه ولا خطر على باله ..
الكحيت فى نوبة ثراء وهمية موهومة مهتم و يزعم اهتماما بهموم أثرياء القوم المرفهين ويتمنى فى قراره نفسه أن يكون واحدًا منهم ويتحدث وكأنه واحدا منهم.. حقيقة لا يحقد عليهم ك ” قاسم السماوي ” الحقودي لكنه متعلق بأهدابهم أقصد ب (منصاتهم الإلكترونية) .
فى بلاد طيبة تعاني أقتصاديا كما يعاني خلق الله الطيبين حول العالم، يباغتك الكحيت فى نوبة ضيق وضجر عارم، متأفف ينفث دخان عقب سيجارة رخيصة، شفت أونصة الذهب بكام النهارده؟!
وقبل أن تتفهم مغزى السؤال الصادم، يباغتك، الذهب اتجنن، كسر السقوف جميعا، وقبل أن تدري جوابا، يسمعك موشح عن سعر “الأونصة” الذهبية فى الأسواق العالمية وانعكاساتها على جرامات الذهب محليا!!
فى حضرة الكحيت، جالسا “حاطط رجل على رجل” على الكرسى المكسور تحس أن الطيبين مشغولين بسعر جرام الذهب، أو صاروا فى شغل بالذهب، ولا ينامون إلا بعد أن يطالعوا أخبار بورصة الذهب العالمية، ويتحدثون بالأونصة والسبيكة والجنيه الذهب !!
ناس تترجي الله في حق النشوق، والكحيت لايهدي ولا يرتاح، متابع دءووب لبورصة الذهب، وكأن متاعب الحياة تلخصت في ارتفاع سعر الذهب، ويحلل قرار وزير المالية بإعفاء الذهب المستورد، ويفتي باهمية القرار، ولكنه تأخر طويلا.. ثم يضع بصمته اللوذعية فى جملة فريدة مستقاة من مأثورات العربية الفصحي “أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً”.
حالة الكحيت استشرت فى البلد، وكأن البلد داخله على أزمة ذهبية، ومنسوب التنظير “الكحيتي” ارتفع لمستوى الألماس، والأحجار الكريمة، الكحيت يتحدث بالقيراط، ويراقب بورصة الأحجار الكريمة، وهو نايم على قالب طوب من حجر أبيض..
كحيت طيب الذكر الكبير “مصطفى حسين” قبل 2010 يتدارى خجلا امام كحيت الذهب، الكحيت نموذج 2023، الكحيت حالة مصرية مستشريه، كالعدوى منتشرة، الحمد لله الذى عافانا من مرض “الكحيت”، فلم نحفل بعد بسعر الأونصة فى بورصات الذهب العالمية.
تحتاج إلى زيارة العلامة الدكتور “أحمد عكاشة” أستاذ الطب النفسي لفهم عقلية “الكحيت” تحت وطأة الأزمة الاقتصادية، وأن تفهم لماذا يتصدر خبر سعر الذهب المنصات الإلكترونية المحلية، الدولار واسعاره مهضوم خفيف على المعدة، حديث الدولار يسرى فى الأسواق، حتى بياع الفول والطعمية يتحدث بالدولار، وشوف الدولار بكام النهارده يا بيه؟!
الكحيت وكأنه مولود في بقه معلقة ذهب، فى جيبه أونصة ذهب ، ولا يعتقد مطلقا في مقولة، إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، الكحيت يحب الفضة والذهب والالماس ولا يصمت أبدا، مسحوب من لسانه، وعنده عكس المثل العربي “طلب الذهب أولى من طلب الأدب” ..
جنون الذهب خلف حالة نفسانية غريبة، معلوم الذهب مخزون القيمة، وهذا حديث عزيز بك الأليت، ولكن حديث الكحيت أعتقد فول وطعمية وبطاطس، الآية معكوسة، إذا الكلام من فضة دلوقت أصبح ذهب على رأي صديقنا “طارق علام”.
فى ظرف اقتصادى صعيب الكحيت يتحدث عن أسعار سيارات مليونية وهو يركب توك توك، ومندهش من “الاوفر برايس” على السيارات الهمر .. شيزوفرينيا حادة استولت على البعض فصار يتحدث حديث عزيز بك الأليت وهو فى مقعد الكحيت !!
كان مثل هذا الحديث يثير الضحك مفارقة كما رسمه الكبير “مصطفى حسين” ولكن هذا الكحيت منتشر كالفيروس المعدى على المقاهي، وفى الباصات، ومحطات المترو، لا بكف عن البغبغة بأسعار الذهب والعملات والدولار والدينار، وهو لا يمتلك في جيبه ثمن علبة سجاير شعبية رخيصة ..
ازاء مشهد كاريكاتوري يحتاج إلى دراسة معمقة عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية على النفسية الكحتوتية !!