المتتبع لنشأة الحضارة الانسانية .. كتب: عبد الله علي
المتتبع لنشأة الحضارة الإنسانية يجد أنها قامت علي أساس من الدين والعلم معاً. ومن هنا أهتم الوحي القرآني في أول ما نزل منه بلفت الأنظار والعقول. وإلي مفاتيح الحضارة قبل أن يتحدث عن أي شىء آخر يتعلق بالعقيدة وأمور الآخرة. فكانت الآيات الخمس الأولي من سورة العلق التي تأمر بالقراءة مرتين. وتشيد بالعلم وبالقلم الذي هو وسيلة تدوين العلم وبالإنسان حامل هذا العلم.
وكان هذا الوحي عوداً علي بدأ. فقبل ان يهبط الله آدم إلى الأرض علمه الأسماء كلها. أي أعطاه مفاتيح الحضارة التي يستطيع من خلالها ان يلبي الأمر الإلهي بإعمار الأرض في قوله تعالي:
(هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا).
أي طلب منكم عمارتها وصنع الحضارة فيها
ولتأكيد ذلك جعل الإسلام طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة. وقد أدرك المسلمون الأوائل كل هذه المعاني وساروا علي نهجها فكانت لهم إسهاماتهم التي لا تنسى في تقدم العلوم وازدهار الحضارة.
وإذا كانت الحضارة لا تقوم إلا بالعلم ، فإن العلم لاي يقوم إلا بمنهج. وإذا كان العلم فريضة فإن منهج العلم فريضة أيضاً ويعد جزءاً لا يتجزأ من العلم.
العلم في تراثنا
والعلم كما نعرف من تراثنا– رحم بين أهله وتواصل بين الأجيال والحضارات. وكل جيل يضيف إليه شيئاً جديداً يمهد به السبيل لمن يجئ بعده
ومن اجل ذالك ستظل محاولات التجديد والتطوير والإبداع متواصله بلا انقطاع ما دام هذا الإنسان موجود.
ولا شك في ان الحضارة الإسلامية قد استفادت من الأنجازات العلمية والفكرية السابقة عليها كما افادت بدورها الحضارة الاوروبية الحديثة بما قدمته لها من عطاء في العصور الوسطي عن طريق الترجمات العديدة من خلال المعابر الحضارية في كل من الأندلس وجزيرة صقلية. وإذا كان الأمر كذالك فإنه لا يوجد مبرر لمحاولة البعض علي كل من الجانبين إنكار أو نفي هذا التواصل العلمي والحضاري بين الثقافات
ويؤكد القرآن الكريم في قوله-تعالي-:
(وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)