المساواة بين الأطفال في المعاملة… حجر الأساس لتربية سوية وعادلة

كتبت: دنيا أحمد
في عالم التربية، قد يكون العدل بين الأبناء أصعب اختبار يُواجه الوالدين. وبين الحب الفطري، والميل العاطفي غير المقصود، والاختلافات الفردية بين الأطفال، تقع بعض الأسر في فخ التمييز في المعاملة دون أن تشعر، ما يترك جروحًا نفسية عميقة قد لا تندمل بسهولة.

لماذا المساواة مهمة؟
المساواة بين الأطفال ليست مجرد مبدأ أخلاقي، بل هي ركيزة نفسية وتربوية تحافظ على شعور الطفل بالأمان والانتماء. فالطفل حين يشعر أن والديه يحبانه ويعاملانه كما يعاملان إخوته، يكبر في بيئة خالية من الغيرة والحقد، مليئة بالثقة والطمأنينة. أما إن شعر بالتفرقة، فقد يتكوَّن لديه شعور بالنقص، أو يتحول الغضب في داخله إلى عناد، أو حتى عدوانية.

صور التمييز الخفية
في كثير من الأحيان، لا يكون التمييز بين الأبناء واضحًا، بل يتخفى خلف عبارات مثل:
• “هو صغير ما يفهم.”
• “أنت الكبير ولازم تتحمل.”
• “أختك شاطرة وأنت دايمًا مهمل.”
هذه العبارات التي يظنها الوالدان عادية، تزرع مشاعر التفرقة وتخلق فجوة بين الأبناء.
كيف نحقق المساواة؟
1. العدل في المشاعر قبل التصرفات:
لا يكفي أن نُساوي في الهدايا أو المصروف، بل يجب أن يشعر كل طفل أنه محبوب ومُقدَّر كما هو.
2. الإنصات لكل طفل بمفرده:
خُذ وقتك للاستماع إلى كل طفل على حدة. لكل منهم احتياجات ومشاعر مختلفة.
3. العدل في العقاب والمكافأة:
يجب أن تتناسب ردود الأفعال مع الفعل نفسه، لا مع من ارتكبه.
4. الابتعاد عن المقارنات:
المقارنة بين الأطفال تُهين أحدهم وترفع الآخر، مما يُسبب فجوة في العلاقة.
5. الاحتفاء بكل طفل بطريقته الخاصة:
لكل طفل ما يميزه، وأجمل ما يقدمه الوالد هو أن يُشعر أبناءه أنهم مُتميزون بطريقتهم.

أثر المساواة على المدى البعيد
الأبناء الذين نشؤوا في بيئة عادلة، غالبًا ما ينشؤون أسوياء نفسيًا، قادرين على احترام الآخرين، والتعامل بعدالة، وتكوين علاقات سليمة. أما الذين تعرضوا للتمييز، فقد يُعانون من ضعف الثقة، أو الحاجة المستمرة للإثبات، أو عقد نفسية يصعب التعامل معها لاحقًا.

في النهاية، المساواة بين الأبناء ليست خيارًا، بل واجبًا شرعيًا وتربويًا. ومن أراد أن يترك إرثًا من الحب، والاحترام، والتوازن في أبنائه، فليكن عادلًا في كل شيء: في الكلمة، واللمسة، والنظرة، والاهتمام. فكما قال رسول الله ﷺ:
“اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.”






