عاجلمقالات

الهوية المجتمعية بين شريعة الغاب وسيادة دولة القانون … بقلم : د. زكي السيد

الهوية المجتمعية بين شريعة الغاب وسيادة دولة القانون … بقلم : د. زكي السيد

الهوية المجتمعية بين شريعة الغاب وسيادة دولة القانون … بقلم : د. زكي السيد
د. زكي السيد

مع كامل احترامى وتقديرى لسيادة دولة القانون ، لكن حالة اللغط الشديده التى أصابت أروقة مجتمعنا ما بين مؤيد ومعارض لدخول الاستاذ الفاضل المحامى الكبير معترك قضية فتاة المنصورة دفاعا عن الجاني محمد عادل ، قد خلقت حالة من فوضى الحديث دون الوقوف الجاد على مشروعية هذا التصرف .

وامام هذا الزخم الهائل من فوضى الحديث،  كان لابد أن نقف برهة أمام هذا التصرف المفاجئ و الذى منح الناس مسارا جديدا للتوقعات فى هذه القضية بعد أن أغلق سعادة المستشار الجليل قاضى الموضوع أبواب هذه القضية برمتها بخطبته وبيانه الراقى الشهير على خلفية إحالتها لفضيلة مفتى الديار لإبداء الرأى الشرعى فى إنزال عقوبة الإعدام بالمتهم ومن ثم تأييد هذا الحكم .

لاشك أن القانون قد كفل للجميع حق الدفاع عن النفس طوال أمد التقاضي دون أدنى تمييز ..لم يفرق هنا بين الجانى والمجنى عليه فى كفالة هذا الحق والتشديد على احترامه ..

لم يكن مستغربا أبدا،  أن تشهد القضية طفرة جديدة فى تبنى أحد كبار المحامين فكرة الدفاع عن الجانى فى هذه المرحله من درجات التقاضى فهو حق مشروع أقره وكفله القانون بكافة الطرق الممكنه وافرد له العديد من الضمانات ..

و لا أخفيكم قدرا انه لم تثير دهشتنا فكرة تبنى السيد المحامى الكبير هذه القضية تحديدا فى هذه المرحلة الحاسمة ، في تاريخه الزاهى الزاخر اهتماما بمثل هذه النوعية من  القضايا الشائكة والتى دائما ما تكون مثار اقاويل الرأى العام ، تجعل من هذه القضية ملاذا خصبا له لاستعراض قواه الفكرية القانونية العتيدة والتى غالبا ما تربو إلى أهدافها…

من هنا وأمام قضية كبيرة بهذا الحجم تشعل جنبات الرأى العام العربى كله ، أستطيع أن أجزم  يقينا الوتر الوحيد الذى يمكن أن يلجأ إليه المحامى الكبير لتخفيض درجة العقوبة إلى درجة أدنى وليس العفو المطلق كما روج البعض بشأن الدية والتي لا مجال لأعمالها مطلقا فى القوانين الوضعية لوجود حق أسمى يتعلق بفكرة الردع حفاظا على أمن واستقرار المجتمع ..

ولعل أول خطوات المحامى الكبير بعد تأييد حكم الإعدام بشأن موكله هو البحث عن حيثيات الطعن القاطعة التى تستطيع أن تجبر محكمة النقض فى إعادة النظر بجدية فى منطوق الحكم الصادر بالإعدام ومشتملاته ، والتي لابد لها أن تجمع بين ثناياها أسانيد وأدلة قوية جدا  تطمئن إليها يقينا عقيدة المحكمة فى إعادة نظر القضية ، والتي سيكون أولها حرصه التام على رد المحكمة بدعوى عدم الحيدة الأمور تتعلق بالنواحي الإجرائية..

أما  الثغرة الوحيدة التي يستطيع أن ينفذ منها لتحويل دفة القضية وإنزال العقوبة لدرجة اخف وهو اقصى ما يمكن فعله 

ويحقق به مأربه الماكر ، هو محاولة إثبات أن الجانى قد تعرض لمثيرات شديدة و كم هائل من الضغوط لحظة إتيان الفعل ،أفقدته قدرته على التمييز والادراك  تماما وشلت كامل فرائض قواه العقليه  ..وجعلت منه فريسة مستساغة لاكراها معنويا حادا افقده إدراكه للحظات ولو  بسيطة ارتكب خلالها الجرم  ..وهو ما يؤكد وجود ١٩ طعنه بجثمان الضحية مقارنة بما يتم فى جرائم القتل العمد العادية  ، الأمر الذي يعني أن المذكور قد ينتفي في حقه احد أهم  أركان جريمة القتل العمد وهو الركن المعنوى أو ما يطلق عليه القصد الجنائى باتجاه إرادته لاتيان الفعل وعلمه التام بحقيقة ما يقوم وقصده الخاص إلى إزهاق روحه ..

الأمر جد صعب للغاية فى مثل هذه القضية فالقاتل معترف بجريمته و موثق دلائلها بالصوره وأقوال الشهود ، فهل يستطيع الماكر قانونا أن يقدم من الدلائل والأسانيد ما يؤكد 

هذه الثغره على حساب النيل من الضحية ام تفشل محاولاته الأخيرة لإنقاذ رقبة القاتل ..

للاسف الشديد نخوض أكبر معترك لطمس موجه لهويتنا فهل تنجح تلك المزاعم ام ان ثوابتنا القيمية أقدر على المواجهة ؟

سعيد المسلماني

مساعد رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى