الوباء إذا دخل قرية.. بقلم: الإعلامي حمدي رزق
لقد أسمعت لو ناديت حيًّا، ولكن لا حياة لمن تنادى.. تعبير فى اللغة العربية يُستعمل للدلالة على أن الشخص الذى يُوجه له النداء لا يُعير الموضوع أى اهتمام أو لم يصدر منه أى ردة فعل.. عامل فيها من بنها.
لافت تحرير وزارة الداخلية محاضر لـ ١٥.٨٤١ شخصًا لعدم ارتدائهم الكمامات الواقية، وتم التصالح وسداد الغرامة المقررة لعدد ١٥.٨٠٠ شخص، واتخاذ الإجراءات القانونية والعرض على النيابة العامة حيال (٤١) شخصا لم يسددوا الغرامة المقررة.
ما هو المطلوب إثباته؟، هل ارتداء الكمامة صعب؟، هل تكلف كثيرا؟، ما هى المشكلة بالضبط؟.. عجبًا، مَن لم تردعه المخالفات والإحالات إلى النيابات تردعه أرقام الإصابات المتزايدة والوفيات!.
الإجراءات الإحترازية
رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى يقرر احترازات مشددة لأسبوعين، لعل وعسى تعدى الموجة الحمراء، ووزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد بُح صوتها: الاحترازات الاحترازات، الكمامات الكمامات.. والتقارير اليومية تؤشر على تصاعد أعداد الإصابات، المؤشر صاعد. والدكتور عوض تاج الدين مستشار الرئيس للشؤون الصحية تفرغ كلية لإطلاق التحذيرات خشية الموجة الفيروسية الثالثة التى تغشى البلاد. وجمع مقدر من كبار الأطباء فى فيديوهات طوعية يزعقون على وجوب تجنب العدوى.. وكأنهم يؤذنون فى مالطة!.
وماذا بعد؟، ذلك بما قدمت أيديكم، أخشى دخول البلاد فى موجة وبائية عاتية كالتى نسمع عنها عبر البحار، ساعتها سنبكى بدلا من الدموع دمًا، حزنًا على فقد الوالد والولد، الكمامة أرحم من ماسك الأكسجين، والعزلة الطوعية أرحم من عزلة غرف العناية المركزة القسرية.. إن توافرت!.
خطورة اللامبالاة الضاربة فى الأوساط الشعبية أنها تؤذن بجائحة محققة، لا قدر الله إذا تفشى الوباء لن تتحمل البلاد مثل هذه المأساة، صحيح الاحتياطيات الطبية كافية حتى الآن، ولكن هناك خشية حقيقية من تزايد الأعداد فوق الطاقة الاستيعابية لمستشفيات العزل، وهذا ما نتحسب من حدوثه فى مقتبل الأيام القليلة على إجازة العيد وما فيها من تلاحم واختلاط بفعل العادات الاجتماعية، لذا خرج رئيس الوزراء على الناس راجيا تجنب التجمعات والخروجات خلال فترة الأعياد.
«الداخلية» لن تحرر مخالفات للملايين ردعًا، تؤدى واجبها بانضباط وعلى قدر الطاقة. والصحة لها طاقة استيعابية، والأطباء هلكوا خلال الموجتين الأولى والثانية، والشهداء بالمئات، وعدد الوفيات يزيد على ١٣.٥٠٠، صحيح نسب الشفاء جيدة، ما يزيد على ١٧٢ ألف حالة. ولكن هناك تسارعًا فى أعداد الإصابات، والأرقام تتزايد على مدار الساعة.. وهذا جد خطير.
غُلب حمارى، ظاهرة محيرة، الناس تطالع فيديو رئيس الوزراء الأخير وهى خالعة الكمامة، وإذا سألت أحدهم، يقولك سيبها لله، اللى عدى الموجة الأولى والتانية قادر يعديها، أصل مصر محفوظة، وفيها شىء لله.. تواكل يصل إلى حد التواطؤ فى مواجهة وباء خطير، الوباء إذا دخل قرية…
القوات المسلحة تحذر، والداخلية تحذر، والإمام والبابا والمفتى ووزير الأوقاف، والحكومة بكامل وزرائها تجتهد فى تجنب ما نخشى منه، والناس طايحة فى الشوارع، منظر المترو والقطارات والأسواق لا يبشر بخير أبدا.. ربنا يسترها علينا