عاجلمقالات

أصدق لحظات الأبنودى .. بقلم الكاتب والناقد السينمائي: أشرف غريب

أصدق لحظات الأبنودى .. بقلم الكاتب والناقد السينمائي: أشرف غريب

أصدق لحظات الأبنودى .. بقلم الكاتب والناقد السينمائي: أشرف غريب
الكاتب: أشرف غريب

فى مثل هذه الأيام قبل ست سنوات غافلنا الخال ورحل، ست سنوات مرت كالدهر وهو الذى لم يغب يوما طيلة حياته عن المشهد العام فى مصر حتى فى سنوات غربته الاختيارية التى قضاها فى لندن مدينة الضباب فبيل حرب أكتوبر 1973 , ولكن ماذا يفعل القلب العليل وقد أنهكته معارك العمر وأضنته الأيام والسنون ؟ فلا أظن أن الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى قد عرف هذا القدر من الاستقرار ودعة العيش إلا فى سنواته الأخيرة التى اقترن فيها بالإعلامية نهال كمال , صحيح أنه عاش قبلها سنوات مجد ونجاح وشهرة لكنها كانت أيضا أعوام صخب وضجيج وصدام وترحال , حياة بلا مرفأ ولا ونيس وربما كانت أيضا بلا روح , هذه الحياة التى وصفها الأبنودى نفسه وهو يغازل نهال كمال فى أغنيته الشهيرة ” قبل النهارده ” حين قال :

 ” … وأيام عشتها قبل النهارده ما هيش عمرى وانا ما عشتهاش , حبيبى معاك عرفت ارتاح وأهدى , وقبلك دنيتى يا حبيبى ما عرفتهاش , وقبلك كله مش محسوب عليه , وقبلك ضاعت الأيام بلاش “

أصدق لحظات الأبنودى .. بقلم الكاتب والناقد السينمائي: أشرف غريب
الأبنودي

 أصدق لـ حيات الأبنودي

كان ااالأبنودى فى واحدة من أكثر لحظاته صدقا ورهافة حس وهو يكتب هذه الكلمات الرقيقة التى تغنت بها وردة الجزائرية من ألحان الموسيقار عمار الشريعى , لحظة تخلى فيها عن صنعته المعتادة وهو ينحت من طين الأرض مفردات أشعاره ، أو يجرى وراء فكرة براقة طاوعه فيها شيطان شعره ، وأمسك بلجام خياله وقوافيه , لحظة كان الأبنودى ينحت فيها من إحساسه لا من موروثه الذى أتى معه من صعيد مصر , إنها ليست ” عدوية ” أو ” تحت الشجر يا وهيبة ” أو ” قولوا لعين الشمس ما تحماشى ” أو جاللى الوداع ” أو حتى ” مشيت على الأشواك ” التى كتبها وهو فى حالة سخرية من الغناء العاطفى الذى كان يغنيه عبد الحليم فإذا بها واحدة من أرق ما تغنى به العندليب .. أغنية ” قبل النهارده ” هى لحظة صدق حقيقية أمسك بها الأبنودى ولم يدعها تفلت من بين يديه تماما مثلما فعل – مع الفارق فى الظروف والدوافع – وهو يكتب أغنية ” عدى النهار ” المغموسة بمرارة الهزيمة والمشحونة بإرادة الانتصار .

أصدق لحظات الأبنودى .. بقلم الكاتب والناقد السينمائي: أشرف غريب
أسرة الأبنودي

هكذا عرف الخال أن بالحياة وداعة يمكن تذوقها ، ونسيما يستطيع أن يشمه حين ترك صخب القاهرة إلى هدوء الإسماعيلية وكون قبل رحيل العمر تلك الأسرة الدافئة : فرحة حياته نهال كمال وزهرتيه نور وآية , هؤلاء الثلاث اللائى لم يفارقنه إلا حينما أراد الله أن يريح هذا الجسد العليل وتلك الروح الثائرة .. ومنذ رحيل شاعرنا الكبير فى الحادى والعشرين من أبريل 2015 وكل من يعرف قيمته وقامته لا يكف عن تعداد مآثره والحديث عن موهبته الفذة التى لا يخطئها أحد حتى كارهيه , لكننى أردت فى لحظة تذكر فراقه أن أقف أمام تلك الحالة من العشق المتبادل بين الأبنودى ونهال ، تماما مثلما قبض هو على إحساسه الصادق وهو يكتب لها أعذب كلماته :

” يا ابو حس بيعرف يلمسنى , وكلام ولا غيره يونسنى , يا غنوة ما تحتاجش شفايف , قلبى من غير قلبك خايف , واحنا من غير بعضنا أغراب .. طبعا أحباب “

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى