ثورة 30 يونيو حكاية شعب وإستعادة وطن
بقلم/د. أحمد مقلد
لقد سطر تاريخ جمهورية مصر العربية يوم 30 من يونيو 2013 بحروف من ذهب، فقد تحركت جموع وقوي الشعب المصري لتقول قولتها رداً على جبروت وظلم حكم الإخوان فقد كان حكم المرشد يغلب فيه صالح الجماعة علي مصلحة الوطن، وكانت الولاية للمرشد والتبعية للحاكم فكان الحكم والولاية للمرشد وكان السمع والطاعة لمن كان في موضع الحكم، ولكون الشعب المصري قد تعدي بجذوره في عمق التاريخ لذا لم يسمح لهؤلاء القلة أن يديروا عجلة التاريخ نحوهم فيكون لهم الاستمرار في حكم البلاد.
بل خرجت جموع المصريين من كل مكان وفي شتي البلدان والقري لتقول (لا لا لحكم المرشد)، ولا لأي ظالم غاصب للحقوق فقد أستحق هذا الشعب أن يجد من يحنو عليه ولم يكن هذا الشخص هو من تولي الحكم بتبعية الجماعة لذا فقد أزاح الشعب المصري هذا الصنم من موضع الحكم، وبدعم ورعاية المؤسسات الوطنية وعلى رأسها الجيش والشرطة المصرية، وتم إنهاء حكم محمد مرسي، بعد مرور عام وثلاثة أيام قضاهم في الحكم، وأرتكب خلال تلك الفترة أخطاء أدت لقطع الرابطة بينه وبين الشعب وتغليب الجماعة وتعميق شوكتهم داخل ربوع مؤسسات الدولة ومفاصل قيادتها، ورغم ذلك فلم يكن لهم ليستمروا ولا أن يذكرهم التاريخ بأي خير، فقد نشروا الفزع والرعب بين قلوب الأسر من خلال نشر أفعالهم الدموية ودعمهم لقاتلي شهدائنا من الجيش والشرطة ممن سهروا علي حماية ربوع الوطن ولكن الدولة كانت في قبضة من لا يعرفون قيمة الدولة ولا أهمية الحفاظ علي ترابط أركانها.
ونتيجة لتلك المقدمات فقد تداعت العلاقة بين الحاكم والشعب وكان يوم 30 يونيو 2013 هو يوم الرفض لأي ظلم والقول الواحد بأن مصر دولة وكيان واحد. يعيش فينا الوطن، ونعيش على أرضه، ولم يكن لهؤلاء الجهلة والقتلة أن يملكوا أمر هذا الوطن ولكن كان يشغلهم أمر تمكين جماعتهم دون النظر لصالح الوطن والمواطنين، ولهذا كانت العلاقة بين أبناء الوطن الواحد قائمة على الاستقطاب وتقسيم المجتمع بين مؤيد لشرعية الإخوان باعتبارهم هم رمز الدين، وبين أن تكون من “العلمانيين الرافضين لحكمهم”. وبهذا كان يتم توجيهه الشعب نحو التناحر بين مؤيد ورافض.
ولم تكن السياسية الخارجية أنجح من الداخلية بل فشلت أيضاً فقد تعددت الزيارات التي قام بها مرسي شرقاً وغرباً بهدف فتح آفاق التعاون بين مصر ودولاً عديدة في العالم، وكان من الواضح ان هناك دول أرادت أن تدعم الإخوان وتستقوي علي الدولة المصرية حتى أن دولاً محورية كثيرة فقدنا تواصلنا معهم نتيجة السياسة الخارجية المدفوعة بمصالح الجماعة وبأهداف لا يغلب عليها صالح الدولة.
وكان من بين تلك المعالجات السياسية الغير مقبولة هو موضوع سد النهضة فقد تم إدارة حوار مع القوي السياسية خلال حكم الإخوان وتم بثه على الهواء مباشرة مما أدي لتوتر العلاقات مع الجانب الاثيوبي وأجهض أسس الحوار السياسي معه.
وكان من الواضح أن الجماعة ترغب في شحن الشعب بالكراهية من خلال افتعال الأزمات التي تشتت جهود الأمن وتعطل استعادة الآمن لدوره ومسئوليته، وكان من أبرز تلك المشاهد هو احياء ذكري أحداث محمد محمود، وستاد بور سعيد، والإفراج عن السجناء من الجماعات التكفيرية، ومنحهم سيناء لتكون معقل الحكم لإمارتهم المتطرفة ودعمهم بسلسلة لا متناهية من الأنفاق التي تم استغلالها في تنفيذ عمليات مسلحة ضد رجال القوات المسلحة والشرطة حتي أنهم قد قاموا بخسة في شهر رمضان وفي وقت الإفطار بقتل 16 شهيداً من الأمن وغير ذلك كثير مما وثقته رجالات الجيش والشرطة خلال مواجهة هؤلاء الخونة.
كما تزامن مع حكم الإخوان نقص السلع الغذائية والخدمات، والارتفاع المتواصل في أسعارها وبدون تدخل حكومي لوقف جشع التجار، بل وتكررت أزمات البنزين والسولار وقطع الكهرباء مما أثر علي حياة المواطن، وكان من الواضح أن المنظومة التموينية تستخدم لخدمة أهدافهم الانتخابية، ومحاولة كسب الشعبية عبر التلاعب بالحصص التموينية.
ولكون الثقافة والفنون والآداب هي غذاء العقل فلم تنجو أيضا من فعلهم الذي يدعو للارتداد نحو الماضي بظلامية التعبير وقصور الرؤية نحو دور الإبداع في بناء الشعوب لذا تم إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، بهدف إحلال قيادات بديلة تدين بالولاء لهم، وكذا كان الإعلام والصحافة فقد تم تحجيمه، واقصاء رموزه، بهدف ضمان الولاء عبر وجود قوة إخوانية تدير المؤسسات الوطنية للصحافة والإعلامية، وبهدف الحد من تأثير الإعلام المضاد لهم.
ولكون الحرية تحتاج لمن يحميها فقد تدخل رجل القضاء والحريات العامة بالتصدي للمحاولات المتكررة من الإخوان بهدف إبراز سطوتهم في مقابل هيبة وقوة سلطة القانون لذا فقد قاموا بإقصاء النائب العام، بل ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل أنصار مرسي، وإصدار إعلانات دستورية وقرارات تمس هيبة مؤسسات الدولة، مما أحدث ثورة غضب بين جموع المواطنين، واستمرت الأزمات بين القضاء والرئاسة، حيث جاء حكم محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار تنظيم الانتخابات البرلمانية، وهنا رفعت جماعة الإخوان شعار “تطهير القضاء”، والعمل علي سن تشريع يقضي بتخفيض سن التقاعد للقضاة بهدف إبعاد عدة آلاف منهم ليحل محلهم انصار الإخوان وتوالت الأحداث وأنتصر الحق للحق.
ولكون الدولة قد عاشت اضطرابات متتالية خلال حكم الإخوان فقد تأثر الاقتصاد بشدة وتضرر الاحتياطي النقدي للدولة، وتراجعت معدلات النمو وتم زيادة الدين العام مما أدي لانهيار مؤشرات البورصة وبهذا تراجع تصنيف مصر الائتماني، ولكون كل تلك المقدمات لن تؤدي إلا لنتيجة واحدة هي انهيار الاقتصاد المصري.
وحين قام الرئيس السيسي بدعم المطلب الشعبي في الإطاحة بنظام فاشل أضاع الدولة وأفقدها ترابطها وتماسك لحمتها وأضعف قوتها، لذا فقد وضع القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي روحه على كفه وراهن على الشعب ونجح داخليا وخارجيًا في استعادة الوطن وحمايته من أي خطر، بل وحقق البناء وعادت الدولة لتقود الأمة العربية محلياً ودولياً خاصة بعد أن تخلت عنا بعض الدول التي لم تكن تريد لمصر النجاة، وصارت الآن تبحث عن وساطات بهدف استعادة الصلة معهم، وهذا نابع من رؤية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي وثقت لنجاح الشعب في حربه ضد الخونة وبدعم وحماية الجيش والشرطة ومعاً تحقق البناء وتم تحقيق النجاح في استعادة مفاصل الدولة وتمكين الشباب وتنفيذ خطط واعدة للرقي بالدولة وبمصادر استثماراتها وصناعتها وبنيتها التحتية والعسكرية والأمنية وبهذا استحقت مصر أن تكون هي القوة العربية التي لا تقهر وتحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.