حقيقة الخوف من الله وأنواعه من بين آيات الذكر الحكيم
كتب: سعيد المسلماني
حقيقة الخوف من الله .. قال ابن قدامة: “اعلم بأن الخوف سوط الله يسوق الله به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل؛ لينالوا بهما رتبة القرب من الله عزوجل، والخوف سراج القلوب به يبصر ما فيه من الخير والشر”.
ويعتبر الخوف بأصله طبيعة بشرية لا توصف بحل أو حرمة، فالإنسان مفطور على الخوف وليس في هذا منقصة أو عيب، وقد عرّف الجرجاني الخوف بأنه توقع حصول مكروه أو فوات محبوب، فالإنسان يخاف من الوحوش يخاف من المجهول ويخاف على نفسه وأولاده ومن يحب وهذا خوف طبيعي من صفات النفس البشرية، وهناك نوع ثاني وهو الخوف من الله فقد شبّه بعضهم العبادة بالطائر رأسه المحبة وجناحاه الخوف والرجاء ومن هنا يظهر أن حقيقة الخوف من الله تعالى من الأمور التي أمر بها الدين الإسلامي وحث عليها، فالمسلم يحب الله -عزّ وجلّ- ويرجو الرحمة ويخاف من العذاب،
آيات قرآنية عن الخوف
الخوف أنواع كما تقدم، فمنه ما هو طبيعي وهذا حكمه الإباحة، ومنه ما هو واجب وهو الخوف من الخالق، ومنه ما هو محرم وهو الخوف مما حرّم الإسلام الخوف منه مثل الأصنام وكل معبود من غير الله والخوف من الناس على سبيل التعظيم والمحبة وهذا خوف محرم وصاحبه على خطر عظيم، إلا إذا حصلت التوبة والإنابة قبل فوات الأوان، وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تحدثت عن الخوف، وفيما يأتي بعضٌ منها:
آيات قرآنية عن الخوف في سورتي البقرة وآل عمران:
وردت الكثير من الآيات القرآنية في سورة البقرة وآل عمران وغيرهما من السور مثل النساء والمائدة والأعراف التي ذكرت الخوف وأن أهل الجنة في منأى عنه، وهذا من تمام النعيم الرباني عليهم في الآخرة.
قال تعالى في سورة البقرة:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.[١]
قال الله تعالى في سورة البقرة أيضًا:
{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.[٢]
قال الله تعالى في سورة آل عمران: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.[٣]
آيات قرآنية عن الخوف في سورة الأحزاب:
يذكر الله -سبحانه وتعالى- في هذه السورة الكريمة بعضًا من صفات المنافقين، ومنها الشح والبخل والخوف في الحرب مع الرغبة في الحصول على الغنائم والأموال، قال تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.[٤]
آيات قرآنية عن الخوف في سورة الأعراف:
الخوف من الله عبادة قلبية عظيمة لا يتوازن الإيمان بدونها، وقد وردت الكثير من الآيات في العديد من السور القرآنية التي تحث على هذا الخوف وترغب به وتذكر جزاء من يخاف الله في الآخرة: قول الله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}.[٥]
قال الله تعالى أيضًا: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}.[٦]
آيات قرآنية عن الخوف في سورة النحل:
إن الخوف من الله العزيز هو حال جميع المخلوقات من الإنس والجن والملائكة، وجاء ذلك في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}،[٧]
آيات قرآنية عن الخوف في سورة آل عمران:
قد قرن سبحانه الإيمان بالخوف من، حيث قال: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)