مقالات

حمدي رزق يكتب: أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب!

حمدي رزق يكتب: أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب!

حمدي رزق يكتب: أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب!
حمدي رزق

مثل مصرى ذائع كافٍ للتعقيب على ما يخص سد النهضة في خطاب رئيس الوزراء الإثيوبى «أبى أحمد» لأعضاء البرلمان الإثيوبى، خطاب للاستهلاك المحلى ويصدر عالميًّا.

يقول: «رغبة إثيوبيا هي التنمية فقط، وتعمل على التأكد من مرور كمية مياه كافية إلى السودان ومصر بصورة لا تضر بإثيوبيا، وتعمل على الإيفاء باحتياجاتهما».

ابتداء وانتهاء، و«أبى أحمد» يعرف، لا مصر ولا السودان ضد التنمية في إثيوبيا، ومراجعة تصريحات قادة البلدين طوال عقد مضى تقطع بذلك، ولكن التنمية أيضًا حق لمصر والسودان بقدر ما هي حق لإثيوبيا، التنمية حق لدول النيل الأزرق الثلاث جميعًا، والتنمية في دولة المنبع أبدًا لا تكون على حساب دولتى المصب.

من كلامه عيَّن «أبى أحمد» نفسه قيِّمًا على مياه النيل التي تجرى بإذن ربها نحو المصب، يقول: «ونعمل على التأكد من مرور كمية مياه كافية إلى السودان ومصر بصورة لا تضر بإثيوبيا، وتعمل على الإيفاء باحتياجاتهما»!!

كلام ساكت، لست من يقرر حجم المياه الكافية، من ذا الذي يقرر حجم المياه؟! هناك مواثيق ومعاهدات دولية تقرر حجم المياه التي تمر من أعلى إلى الحوض، ولم توكِّل المعاهدات لرئيس الوزراء الإثيوبى سلطة تحديد كميات المياه، ولا التحكم في مرورها، ولا تقرير الوفاء بالاحتياجات!.

معلوم، من يمرر المياه يمنعها، يقلصها، يعطش الملايين أسفل الهضبة، «أبى أحمد» يخادع العالم بكلام معسول، ويرسل رسائل ملغومة إلى مصر والسودان، وكأنه يملك مفاتيح النهر، ويقف على الهويس، متى شاء يمرر المياه، وإن شاء وشاء له الهوى.

ما هكذا تورد الإبل، وهذا مثل عربى ذائع، سياسة الأمر الواقع التي ينتهجها رئيس الوزراء الإثيوبى لا تستقيم مع القانون الدولى الحاكم للأنهار العابرة للحدود، النيل الأزرق ليس نهرًا إثيوبيا داخليًّا لتحكم فيه وتتحكم، نهر عابر تشارك مياهه مصر والسودان.

«أبى أحمد» يهتبلنا بكلام غامض، حتى ساعته الغموض يلف ملف سد النهضة، كم مليارًا تم تخزينها، وكم مليارًا يجرى تخزينها، وكم مليارًا ينتوى تخزينها، حديثه بعيد تمامًا عن الشفافية المستوجبة في ملف مسكون بالشكوك، والهواجس المشروعة.

نحن أمام فيضان سخى، وسنوات الملء الثلاث التي مضت كان النهر فيها معطاء، والفيضان فوق المتوسط، والملء الرابع الذي بدأ باكرًا منتصف يوليو وسيستمر حتى منتصف سبتمبر جيد، الضرر البليغ ليس متحققًا كما يقولون لأسباب سماوية وليست بمنة إثيوبية.

حجم التخزين الجارى لا يأخد في اعتباراته الاحتياجات المتزايدة في دولتى الحوض، بل ينتقص منها، يمررها بالقطارة، من تحت الضرس أقصد السد، حجم التخزين المتوقع نحو 25 مليارًا هذا العام، ومثلها في الملء الخامس، «أبى أحمد» يعب من مياه النيل عبًّا لا يرتوى أبدًا!.

للأسف، دون مسوغ يسوغ الملء المفرط، «أبى أحمد» يسابق الزمن لملء السد دون اتفاق قانونى ملزم حول سنوات الملء، وآليات تشغيل سد النهضة، واحترازات سنوات الجفاف، وغيرها من الفنيات التي يستوجب التوافق عليها قبلًا.

الثوابت المصرية مقررة في معاهدات دولية ملزمة، لا يُنتقص من حصة مصر قطرة ماء، للأسف طالما استمر الملف في «ثلاجة الاتحاد الإفريقى» فلا حلول متوقعة، وطالما التصرفات الأحادية تحكم منهج «أبى أحمد» فلا يحدثنا عن كفاية ولا إيفاء ولا تنمية، ولا مشاريع مستقبلية مشتركة، كيف تمد يدك وقد سحبتها ولم توقع اتفاقًا يطمئن شعوب وادى النيل.. عجبًا «أمِن العدل أنهم يردون الماء صفوًا وأن يـُـكـــدَّر وردى؟!»!.

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى