حمدي رزق يكتب: «أنا ستين عتريس»!
بحسب الهيئة الوطنية للانتخابات، شروط ثمانية مستوجب توفرها فيمَن يترشح رئيسًا للجمهورية:
أن يكون مصريًّا من أبوين مصريين. ألّا يكون قد حمل أو أى من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى. أن يكون حاصلًا على مؤهل عالٍ. أن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية. ألّا يكون قد حُكم عليه فى جناية أو جريمة مُخِلّة بالشرف أو الأمانة، ولو كان قد رُدَّ إليه اعتباره. أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى منها قانونًا. ألّا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية. ألّا يكون مصابًا بمرضٍ بدنى أو ذهنى يؤثر على أدائه مهام رئيس الجمهورية.
عنيت الهيئة الموقرة مشكورة بشروط الترشيح المجردة، ولكن الشروط خلت من مواصفات المرشحين المستوجبة، وأهمها على الإطلاق الكفاءة، أن يكون المرشح ذا كفاءة، جديرًا، ذا أَهليَّة، قادرًا، بمعنى المُستطيع المُتمكِّن من الفعل، ورد الفعل. الترشح للرئاسة ليس نزهة خلوية، يخرج منها المرشح بكارت مكتوب عليه «مرشح رئاسى سابق»، الترشح قرار صعب.
ويستوجب التفكير العميق فى المصلحة الوطنية العليا قبل ولوج السباق الانتخابى الأهم تحت مظنة شخصية بالإمكانية والكفاية. رئاسة دولة بحجم مصر ليست «حمولة هينة» تتطلب جلدًا وصبرًا واحتمالًا، وتطوعًا، جندى مجند فى خدمة وطن يستحق، وقبلها يعلم المرشح أنه بات مستهدفًا، ويتصدق ببعض عرضه راضيًا مرضيًّا، معلوم أن مَن ترشح فقد استُهدف.
الترشيح لرئاسة مصر هدف أسمى وأعلى من مكايدات سياسية بغيضة، أو لدد فى الخصومة، أو اهتبال فرصة سنحت لتخليص ثارات متحوصلة، أو لإثبات الوجود على طريقة: «أنا عتريس، أنا بلوة مسيّحة، أنا ستين عتريس فى بعض، إنتو ما بتخافوش منى ليه؟!».
هذا منصب خطير يستوجب عزمًا أكيدًا على الخدمة العامة، بتجرد، وموضوعية، والحاجة ماسّة إلى مرشحين بحجم المنصب، المنصب كبير، والجلباب مقاسه واسع على بعض المحتملين.
صحيح باب الترشيح مفتوح وفق الشروط أعلاه، ولكن مستوجب وزن المرشحين قبل دخول الحلبة، معركة من الوزن الثقيل، كلما ثقلت الأوزان ورجحت كان أجدى وأنفع للناس.
صورة المرشحين المحتملين تنعكس إيجابًا وسلبًا على صورة المعركة الرئاسية فى الميديا العالمية، تعكس صورة وطن بحجم مصر، وحجم مصر وصورتها فى العالم يستوجبان معركة رئاسية على مستوى الحدث والوطن.
إزاء معركة برامج وسياسات، الشخصنة مطلوبة أحيانًا، سلو بلدنا، والمطلوب شخصيات معتبرة وطنيًّا، ملء السمع والبصر، وتلقى قبولًا من الشارع قبل النخب.
ليس كل مَن تسوغ له الشروط ترشيحًا يهتبل الفرصة ترشحًا، رئاسة الجمهورية ليست وظيفة بأجر آخر الشهر، ولكنها مسؤولية جسيمة، حجم المطلوب من الرئيس لا يقدر عليه أعتى الرجال، هذه أمانة، إنّا عرضنا الأمانة.
السطور أعلاه لا تترجم قيدًا أو رفضًا لشخوص تتبضع ترشيحًا، ولكن تترجم بحثًا عن مرشحين محتملين قادرين، أكفاء، يحوزون بعض الثقة، ولديهم بعض القبول، واختبروا قبلًا فى مسؤوليات وطنية.
الهبوط على أرفع المناصب فى الدولة المصرية بالبراشوت لا يهضمه المصريون الذين يقدرون قيمة الرجال ويزونهم بميزان حساس قوامه المصلحة الوطنية. لا تغبطنى شخصيًّا كثرة المرشحين، كالزبد يذهب جفاء، يعنينى مَن ينفع الناس، الخدمة العامة تتطلب تجردًا، وتطوعًا، وجهدًا مُقدَّرًا، وخبرات متراكمة، وقبلها وبعدها الكفاية واللياقة والعقل السديد، والفكر الرشيد، البلد مش حِمْل مغامرات غير مأمونة العواقب، إن كنتم نسيتم اللى جَرَى (أيام رئيس الإخوان) هاتُوا الدفاتر تنقرا.