حمدي رزق يكتب: «إيه رماك على المرّ؟»
أعلاه سؤال، والإجابة «قال اللى أمرّ منِّه»، والسؤال والإجابة ليسا تبريرًا لظاهرة هجرة الأطباء، ولكن بحثًا عن إجابة مختلفة، إجابة إيجابية أكثر من هذه الإجابة السلبية.
ما سمعته من الدكتور «إبراهيم الزيات»، عضو مجلس نقابة الأطباء، فى حواره مع الصديق «إبراهيم عيسى»، على فضائية «القاهرة والناس»، يثير الأسى، ويبعث على القلق على مستقبل المنظومة الطبية فى مصر.
أغرب ما سمعته، الأطباء الشباب يلجأون لحيل عجيبة للهجرة، وطالما لا تُقبل الاستقالات، يعمدون إلى التغيب عن العمل لمدة (٣٠ يومًا) متواصلة، ووفقًا للقانون يتم الفصل.. خلاصته يطلبون الفصل ويسعون إليه سعيًا حثيثًا!!.
قبله مباشرة، فجعنا الدكتور «أيمن سالم»، عضو مجلس النقابة، بأن نحو (٣٠٠ طبيب) تم الحكم عليهم بسبب (تهربهم) من التكليف!!.
التهرب من الخدمة الطبية ظاهرة تستوجب العمل على تشخيص أسبابها بدقة، وتوصيف العلاجات المناسبة لتوفير بيئة عمل جاذبة، الطيور تهاجر طلبًا للرزق، لو توفر لها أسباب البقاء ما هاجرت وفى الهجرة مرار طافح.. يقينًا إللى أمرّ منه.
لا يمكن التفريط هكذا فى جواهر الطب المصرى، المصروف عليهم دم قلب الشعب، كلفة تخريج طبيب تحش الوسط، وفى الأخير يهاجر، خسارة مضاعفة، خسرنا الجلد والسقط، كلفة التعليم، وخسارة الطبيب الذى هاجر ليعمل فى منظومة طبية أخذته على الجاهز..
مستوجب تشكيل لجنة من وزارة الصحة ونقابة الأطباء لدرس ظاهرة هجرة الأطباء، ما يفتح الباب لعلاج الظاهرة التى باتت تؤثر بالسلب على الخدمات الصحية فى ظل العجز الذى تعانى منه المنظومة الطبية، وهناك متلازمة بين الهجرة والتهرب من التكليف وحتى تعمد الفصل.
الحادبون على المنظومة الطبية يحذرون من استفحال الظاهرة، وضرورة استيعاب الأطباء الشباب فى المنظومة، بتحسين بيئة العمل، أجور وحوافز وبدلات وفرص للدراسات العليا.
أن تقف الوزارة والنقابة مكتوفتين وتشيع مقولات أن معظم الأطباء (المتخرجين فى كليات الطب الوطنية) لا يرغبون فى التكليف أو الخدمة، على الرغم من أن الدولة تتحمّل أموالًا طائلة من أجل تخريج طبيب لخدمة أهله وناسه.
قانونيًا (الطبيب المتهرب) يقع تحت طائلة القانون، بمعنى أن حق الدولة على الخريجين الذين تنطبق عليهم (خدمة التكليف) خدمة الدولة بالعدد والأماكن التى تحتاجها الدولة مقابل التعليم الذى كفلته لهم الدولة، والتكليف ليس اختياريًا من المكلف، ولكنه اختيارى للدولة طبقًا للحاجة والاحتياج.
والتكليف حق للدولة تجريه وفقًا لاحتياجاتها، تملك بموجبه إجبار المكلف على القيام بالعمل المكلف به والتزام على المكلف وليس حقًا له، والدليل على ذلك أن المادة (٧) من القانون (٢٩ لسنة ٧٤)، حظرت على أى شخص أن يعين المكلف قبل الحصول على موافقة وزير الصحة، كما أن المادة (٨) تعاقب كل من يخالف أحكام القانون بالحبس مدة لا تزيد على (ستة أشهر) ويعاقب بهذه العقوبة من يتخلف عن التكليف أو من يعين المكلف دون موافقة وزير الصحة.
بعيدًا عن القانون ومواده الصارمة، المطلوب حوار هادئ وعقلانى لتشخيص المشكلة، واقتراح علاج شاف، التهرب مرتبط بفكرة الهجرة المسيطرة على الأطباء الشباب، لدرجة أن بعضهم ينجز (المعادلة الطبية) أثناء الدراسة ليتمكن من الهجرة بمجرد التخرج!.