حمدي رزق يكتب: البَابَا تَوَاضروس فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ
المسيحية هى ديانة الفرح، وقداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يبشرنا بالفرح، ويصلى من أجل دوام الفرح فى ربوع المحروسة فى قلب العالم.
فى عظة الأربعاء الماضية تمناها فرحا: «نتمنى أن تكون أيام عيد الفطر سعيدة وأيام فرح، للكبار والصغار، وأن تكون كل أيامنا أعياد وفرح لشعبنا وبلادنا وربنا يديم علينا الفرح».
البابا تواضروس فرحا مع الفرحين، يهنئ أهله وناسه وإخوته فى الوطن والإنسانية جمعاء، قداسته يحمل فى قلبه محبة تترجم فرحا، يشارك المسلمين فرحتهم بعيد الفطر.
مثل هذه الروح الطيبة تغبط النفس، وترطب حرور الحياة، وتؤذن فينا بالوحدة القلبية، المعنى الروحى للوحدة الوطنية، ما بين المسلمين والمسيحيين فى المحروسة عميق متجذر فى الأرض الطيبة، لا يقطعه إنسان مهما كان سيئ الطوية.
تهنئة البابا تواضروس ترسم صورة الدولة المصرية فى تجليها دولة «المحبة» وترجمتها «دولة المواطنة» ورأسها (رأس الدولة)، لا يفرق بين مواطنيه، ويشاركهم احتفالاتهم الدينية جميعا.
وعلى درب المحبة نخطو خطو الواثقين، والمصريون الأصلاء دوما عند حسن الظن بهم، وسيل التهانى من فيض محبة إخوتنا بعيد الفطر، ينهمر عذبا، يغسل الأرض الطيبة، صارت ربًى خضراء خصبة تنمو فيها بذور المحبة المطمورة فى ضمائر المصريين.
سيل التهنئات يفرح القلب، كل هذه المحبة، فعلا قرّب حبة تزيد محبة، معلوم من يحب الله يحب أخاه فى الله ويسعَ إليه مُهنّيا، ولو برسالة، والمحبة لا تكلف مشقة، المحبة نعمة مش خطية، الله محبة، الخير محبة، النور محبة.
المحبة راكزة كالمعدن النفيس فى أعماق الشعب المصرى، متجذرة فى ضميره الإنسانى منذ فجر الحضارة، ويضرب نموذجا ومثالا حيا فى أحاديثه الجميلة، وأفعاله تترجم أقواله، إن تعدو صور المحبة لا تحصوها.
المصريون مفطورون على «فقه المحبة»، والحمد لله المحبة تفيض على شطآن النيل، ظاهرة لا تخطئها عين حبيب، والمصريون يحبون الحب فى أهله ويمقتون الكره فى أهله، ويعالجون الكراهية بماء المحبة.
المحبة شعور إنسانى راق، يلمسونها، ويعيشونها، ويغتبطون بها، «نهر المحبة» يجرى فى الأرض الطيبة، المحبة تفيض على ضفاف النيل، «منسوب المحبة» والحمد لله مرتفع بين الأحباب، فيضان المحبة يروى الأرض العطشى وكل يهنئ أخاه، جاره، عشرة العمر الجميل.
غسيل الوجوه بماء المحبة، «الوضوء الوطنى» من دنس الكراهية، والمؤذن يؤذن بالصلاة فى محراب التسامح، المصرى الطيب لم يعرف يومم تمييزا، حتى فى الأسماء، كانت الأسماء مشتركة، وكانت البيوت متلاصقة، والجار للجار حتى سابع جار، مودة ورحمة وإيثارا.
مرت عقود الكراهية طويلة كئيبة، كنا نتشوق لنسيم المحبة يهفهف على وجوه الأحباب، اللمة والعشرة والناس الطيبة، هبت علينا رياح الهبوب تلفح الوجوه بفتاوى صحراوية متفجرة، تم إبطالها، والتوقى منها، «لقاح المحبة» كان فعالا فى وأد فيروسات الكراهية المتحورة إخوانا وسلفيين، وقانا الله من شرورهم أجمعين.
مطلوب «هش» فلول الغربان والحدادى الناعقة بالطائفية من على شجر الوطن، وكبح شرورهم أقوالا وأفعالا بالقانون، القانون وجاءٌ.. وقاية من أمثالهم، وإن لم يرعووا لأدبيات العيش الكريم المشترك، فالعقاب المجتمعى سيردعهم عاجلا، غير آجل، فالوطن لا يحتمل أمثالهم، سيجرفهم «نهر المحبة» يجرى رقراقا فى الأرض الطيبة.. دامت محبتكم.