حمدي رزق يكتب: الحالة «صلاح»!
من مأثورات المسرحى الأيرلندى الشهير «جورج برنارد شو»: «بعض الناس يرون الأشياء كما هى ويتساءلون لماذا؟، وآخرون يحلمون بأشياء لم تكن أبدًا ويتسألون لم لا؟».
نشرت صفحة ليفربول على «تويتر» صورة لاعبنا الدولى محمد صلاح، وعلقت: «الدورى الإنجليزى ملكنا.. الحملة تبدأ فى ستامفورد بريدج، يوم الأحد»، رسالة تحدٍّ لجميع المنافسين، صلاح يقود حملة الريدز لاسترداد اللقب.
إنجليزيا، منح الساحر «مو» جماهير ليفربول الحق فى الحلم بمنصات التتويج والألقاب، سحرهم بسحره، صورته مرسومة على جداريات المدينة العريقة.
مصريا، صورة «مو» تسكن القلوب، صلاح منح شباب مصر الحق فى الحلم، فتح طاقة الأحلام، رفع سقف الطموحات عاليا، شباب النوادى والحوارى يحلمون، من حقهم الحلم، الكل يحلم، صلاح ملكهم الحلم، حقق حلمه الذى ظنه البعض مستحيلا. لسان الحال «لسه الأحلام ممكنة»، راجع أحلام شبيبة كرة القدم الذين يطلون علينا من نافذة برنامج المواهب المعتبر «كابيتانو مصر» جميعا تلهج ألسنتهم باسم «محمد صلاح».
الصغير يركل الكرة بعيدا وهو يحلم، «نفسى أبقى زى محمد صلاح»، وولى الأمر الشقيان يصحب ابنه إلى الاختبارات، ويتمنى لابنه مستقبل صلاح، والأم الطيبة تجهز شنطة التدريب لقرة عينيها، وتيمم وجهها إلى السماء داعية، «يا رب أشوفك زى محمد صلاح».
الحالة صلاح، تسترعى الانتباه، لافت أنظار عامة المصريين وخاصتهم صوب «حبة كريز» الكرة العالمية، التفاف قلبى، وحب عارم، لم يحدث قبلا إلا فى حالات استثنائية، ربما فى حالة طيب الذكر العندليب الأسمر «عبد الحليم حافظ».
يلزم دراسة «الحالة صلاح»، تخيل يستعجلون مباريات الدورى الإنجليزى، صلاح وحشنا قوى، مواعيد مباريات صلاح من المواعيد المحترمة عند العموم، يضبطون ساعاتهم، وكأنهم على موعد مع صلاح. فى قعور البيوت الطينية، والصالونات الفاخرة، وعلى المقاهى الشعبية، والكافيهات فى الكمبوندات، جميعا ينتظرون صلاح، وهو بالمناسبة ينتظرهم هناك فى «ملعب أنفيلد».
تتعالى الآهات طربا مع إبداعات صلاح، والصرخات تدوى إذا سقط صلاح متألما، والمزاج يروق ويعتدل مع تسجيل صلاح، كل هدف أجمل من سابقه، صلاح لا يسجل أهدافا عادية، يمنح الكرة بعضا من سحره الجميل.
الكورتجية (عشاق الساحرة المستديرة) فى عشقهم مذاهب، أما الطيبون فلم يجربوا فرجة على كرة القدم إلا ليشاهدوا ولدهم يبدع فى ملاعب الإنجليز، العجائز فى قعور البيوت يدعون لصلاح من قلوبهم، الست الطيبة صرخت عندما سقط صلاح، قوم يا حبيب قلبى أسمّى عليك وعلى حواليك. وهكذا باتت مصر تعيش حالة اسمها صلاح، راجع برنامج «كابيتانو مصر» لتعرف معنى الحالة صلاح، تخيل رواج «حرامى الدش» الذى يفتح القنوات المشفرة، فقط لأنه يتيح مشاهدة صلاح مجانا.
يقينا، لو خلع صلاح فانلة ليفربول الحمراء، لوُئدت شعبية ليفربول فى قلوب المصريين، قميص صلاح وحده يغل على ليفربول مبيعات لم تعرفها الإدارة الحمراء يوما.
الحالة صلاح ليست مصرية فحسب بل عالمية، كم بذلت الأندية السعودية من ملايين لتحظى بصلاح، إذا احتكم المراقبون لتصويت الجماهير لحصد صلاح جائزة «القلب الكبير»، لن ينافسه أحد فى حب الجماهير، وراءه ١٠٠ مليون مصرى، ومضاعفات هذا الرقم عربيا، ودوليا، وإعجابات لا تعد ولا تحصى.
صلاح حالة عنوانها التوفيق، ويد الله حاضرة، وقلب طيب عطوف، وابتسامة مشرقة، وأخلاقه عالية، متربى فى بيت طيب، ووراه أمهات طيبات كثر يدعون له فى غبشة الفجر.