حمدي رزق يكتب: الملاك الحارس يغادرنا إلى السماء
غادرت دنيانا الفانية إلى دار الحق فى أيام مباركة، ألف رحمة ونور على الكُمل الفاضلة الدكتورة «أنيسة حسونة».
كرمتها مصر رئاسيا، واحتفت بحضورها الإنسانى بعطفة كريمة حرم الرئيس السيدة «انتصار السيسى» فى اليوم العالمى للمرأة، وتم تكريمها تقديرا لدورها فى العمل الخيرى.
من جواهر تاج المحروسة، نموذج ومثال للإنسانية فى تجليها خدمة للمرضى المحتاجين للمسة حنان، تفكرك بـ«تاسونى» راهبة (أخت) كرست حياتها لخدمة الناس فى تبتل وتواضع وضراعة.
تحدثنا لمرة أخيرة، بعد إعلان مستشفى الناس مع الكبيرة «إسعاد يونس»، وكانت ممنونة لسطور متواضعة استحسنت ظهورها ثنائيا معتبرا مع أختى الكبيرة «إسعاد»، وقلت ظهور يوحى بالثقة، والرغبة الخالصة فى عمل الخير، كم أحببت فكرة مستشفى الناس، وشعارها الناس للناس، وكان شغلها الناس، وحدبها على الناس، تذوب عطفا ورقة، من الذين يمشون على الأرض هونا.. فيها شىء لله.
انحيازى لمستشفى الناس هو بالأساس انحياز لفكرة العمل الخيرى الخالص لوجه الله، بلا بهرجة ولا مهرجانات، ولا استغلال مفرط للأطفال، سعت أنيسة إلى إجراء ٣٠٠ عملية قلب للأطفال سنويا فى شهر رمضان، فلنبرها فى وصيتها، ونلتف حول القلوب الصغيرة، أخشى يحسون بفقد عظيم، غيبة الأم الرءوم.
الدكتورة أنيسة، يرحمها الله، كانت تحوز ابتسامة واسعة تشرق على الشاشات تبعث الأمل فى النفوس المتعبة، وتفتح طاقة نور فى نفوس غشيتها ظلمة الحزن من قسوة الألم، من جرب قسوة الألم، الألم يبعث الأمل، السرطان وحش كاسر لا يهزمه سوى الأرواح القوية، وأنيسة هانم كانت روحها قوية، وطلتها ذكية، وفهمها لدورها فى سياق عمل الخير نموذجى.
إقبال المتبرعين على مستشفى الست أنيسة كان لافتا، سيدة تعطى بإيثار، ولا تدخر وسعا من أجل تخفيف الأوجاع، من جرب الألم يخش منه على الناس، وأنيسة هانم جربت الألم وخاضت معركة بطولية مع غول السرطان، جولات ماراثونية حتى ارتاحت «وقابلت وجه كريم»، الجنة ونعيمها إن شاء الله.
أعلم قدر حزن الكبيرة إسعاد، كانت أنيسة وإسعاد ثنائيا رائِعا، الأختين الحلوين، إسعاد بوجه طيب، وأنيسة بوجه باسم، طيبة إسعاد وابتسامة أنيسة، كانتا رصيد مستشفى الناس، المستشفى الذى يقوم على مثل هذه الوجوه الحقيقية، دون مساحيق تجميلية، والتسلل ببساطة إلى قلوب الناس، بمشروع بسيط وفكرته عميقة، حلوة قوى فكرة الرعاية من القلب، واللى يسكن القلب لا يخرج منه سوى كل طيب.
توفر الراحلة الكريمة على رسم السعادة فوق شفاه متعبة فى ميزان حسناتها، كانت زكية تبتكر طرقا وأساليب لبعث الأمل فى قلوب عليلة، أصعب الألم ألم الطفل، لا يعبر عن ألمه الذى يعتصره، فى أمس الحاجة إلى ملاك حارس، والملاك أنيسة سجلت حضورا ملائكيا فى حياة كثير من الناس بمستشفى الناس، لا أملك سوى الدعوة بإخلاص للتبرعات فى شهر الكرم.. وفاء لسيدة كريمة، معلوم الناس الطيبة للناس الطيبة، والدكتورة طيبة الذكر كانت طيبة قوى.