حمدي رزق يكتب: خالد منتصر.. الاسم الحركى «خزاعة»!
فى فيلم «الشيماء» مشهد يهلك من الضحك رغم جديته المفرطة، اجتمع فيه أهل الشر، «أحمد مظهر وكنعان وصفى» محرضين «نصر سيف»، الذى يبرق فى وجوه المشاهدين، كل بجوار إحدى أذنيه يسألانه: مَن هم ألد أعدائكم؟.. فيجيب: خزاعة.. مَن قتل كلثوم؟ خزاعة.. وسلمى وذئيب؟ خزااااااااعة.. خزااااااعة.. وصرخة رهيبة ترتعد من هولها الفرائص!!.
تذكر المشهد وأنت تطالع بلاغ المتر «محفوظ» ضد الكاتب المستنير «خالد منتصر»، نصًّا من صحيفة «الوفد»: «ولأن الهدف واضح لخالد منتصر قاصدًا ازدراء الإسلام وإثارة الفتنة وتكدير السلم العام، واستغل الدين فى الترويج بالقول وبالكتابة لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة والتحقير وازدراء الدين الإسلامى، وكذا التنمر على النساء المسلمات».
وعلى طريقة خزاعة، خالد منتصر متنمر على النساء، مزدرٍ للأديان، مروج للأفكار المتطرفة، مثير للفتن ما ظهر منها وما بطن.
إذًا خالد منتصر صار خزاعة، يبقى عليها السلام، البلاغ المحفوظى نسبة لمقدمه ليس بجديد على الأسماع، ضمن موجة بلاغات تتحدث بها الركبان، نشهد بوضوح ظاهرة «عودة المحتسب»، التى كنا قد لفظناها قبلًا، والمحتسب والحسبة من مخلفات عصر مضى، عشنا عصرًا كان المحتسب (وعادة غاوى شهرة) يظهر فى قاعات المحاكم متكئًا على عصا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.. ليُلهب ظهورنا تكفيرًا.
ليس دفاعًا عن «خزاعة»، أقصد منتصر، ولكن الخشية كل الخشية من عودة المحتسب فى طور محفوظ. اهتبال الحق فى التقاضى، والتشهير بالناس، ووضعهم أمام القضاء متهمين بارتكاب الكبيرة، والسعى إلى سجنهم بالفقرة «واو» من المادة ٩٨ من قانون العقوبات، مادة خزاعة!!.
التوقف مستوجب لتبيُّن مَن وراء متوالية البلاغات التى تتشح برداء الفضيلة، ومَن محركها الفعلى، لا أهضم فقط كونها بلاغات للشهرة، أذهب بعيدًا إلى جماعات بعينها تحرك هذه الدعاوى لتقليم أظافر المجتمع، وقمع حرية التفكير فى البراح الإنسانى.
عاد المحتسب يبحث عن فريسة يسوقها حظها العاثر للوقوع فى براثن هؤلاء، ليثيروا زوبعة، ويقبّحوا البشر، ويشقوا القلوب اطّلاعًا على النوايا.
وحتى عندما ينتصر القضاء للحريات يبقى التفكير الحر نهبًا لفزّاعات التكفير، ودوّامات التقبيح، ويتحول إلى هدف ثابت ولوحة نيشان لكل مَن فى نفسه غرض.
مازورة الفضيلة صارت حكرًا على نفر من المتبضعين ببلاغات لا تكلف كثيرًا، ولكن تُخلف كثيرًا من القلق على الحريات الشخصية، وفى القلب منها حرية التفكير.
بعد ثورة يناير برزت ظاهرة «المحتسب السياسى»، سكتنا على هذه البلاغات نكاية وثأرية فى نظام سقط بفعل فاعل، سكوتنا أغرى بالمزيد من البلاغات، ونحن عنها غافلون.
نفس الوجوه بعد أن فرغت من لحم الساسة، عادت سيرتها الأولى تتعقب المفكرين، تحمل عصا النهى عن المنكر، ليس بعيدًا أبدًا عن دعوات عَقور تطل من دغل المتطرفين بعيدًا عن سلطة الدولة والقانون، وتحتفى المواقع الإلكترونية بوجوه هذه الدعاوى، التى لفظها المجتمع فلم تجد أرضًا خصبة تنبت فيها أشجار الشوك.
اهتبال القانون على هذا النحو، ويصير العنوان العريض «الحرية فى المحكمة»، هذا يُورِّثنا الخوف والخشية من تفشى الظاهرة. ظاهرة «المحتسبون الجدد» جد مقلقة. أخشى «أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض»، عندئذٍ سيكون الأمر خطيرًا.